قال تعالى :الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

Friday, August 31, 2007

د. عصام عبد الحليم حشيش



الموقع العلمي
1. أستاذ بقسم الإلكترونيات الإتصالات بهندسة القاهرة.
2. رئيس شعبة الهوائيات وإنتشار الموجات بالقسم.
3. يشغل منصب أمين مجلس القسم بالكلية لأكثر من 5 سنوات.
4. عضو اللجنة القومية بأكاديمية البحث العلمي.
5. رئيس فرع الموجات الدقيقة بالجمعية الدولية للهندسة الكهربية والإلكترونية في مصر (IEEE).
6. نائب رئيس مركز تطوير التكنولوجيا بكلية الهندسة.
7. عمل كأستاذ زائر بعدة جامعات في كندا.
8. عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين لخمس سنوات حتى عام 1995.
9. عضو مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس لست سنوات حتى عام 1998.

التميز والتقدير:
1. حاصل على جائزة الجامعة التشجيعية عام 2004.
2. حاصل على لقب الأستاذ المثالي بهندسة القاهرة 2005.
3. حاصل على عدة شهادات تقدير من الكلية.

النشاط العلمي:
1. أشرف على أكثر من 40 رسالة دكتوراة وماجستير بالقسم.
2. له أكثر من 50 مقالة علمية في المجلات العالمية والمؤتمرات الدولية.
3. شارك في تحكيم عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة في الداخل والخارج.
4. شارك في معادلة العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة بالمجلس الأعلى للجامعات.
5. شارك في عدة مشروعات بحثية هندسية في مجال الإتصالات، الأقمار الصناعية، الإستشعار عن بعد والتأثيرات الحيوية للموجات الكهرومغناطيسية.

النشاط العام والخدمي:
ساهم في العمل في مجال حقوق الإنسان من خلال لجنة الدفاع عن سجناء الرأى ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان بجامعة القاهرة.
.

Monday, July 16, 2007

نطمئنكم على د/عصام

شهدت الجزء الثاني من الجلسة سقوط العالم المصري عصام حشيش مغشياً عليه من الإعياء
و الحمد لله هو الآن بخير
للإطلاع على تفاصيل الجلسة

Friday, July 6, 2007

نقلا عن مدونة لا تصالح

حزنت لنبأ مرض أستاذنا العزيز الدكتور عصام حشيش شفاه الله وعافاه وفك أسره هو ومن معه، فهذا الرجل هو أب لنا جميعا وقد كان لي الشرف أن كان استاذي في السنة الثالثة في كلية الهندسة، لم يشك منه أحد يوما، لم يعبس في وجهنا يوما كنت دائما تراه هادئا مبتسما، الجميع يحبه من أساتذة وطلاب وحتى العمال والفراشين، وهذه حقيقة عرفتها مؤخرا فعندما قامت دفعة السنة الرابعة بكلية الهندسة قسم الاتصالات بإعتصام وامتنعوا عن حضور المحاضرات أول أسبوع من الفصل الدراسي الثاني حبا في هذا الأب ووقوفا إلى جانب الحق -وقد شرفت بالانتماء إلى هذه الدفعة- وبرغم المضايقات الأمنية فوجئا بتضامن عدد كبير من أساتذة الكلية والمعيدين والعمال معنا فكان كل منهم يروي لنا حكاية مع الدكتور عصام ويحكي قصة عن شهامته وأخلاقه، فما كان من ذلك أن أن ازددنا تماسكا ومطالبة بالإفراج عنه،ومن عجائب وطرائف النظام المصري أن الدكتور كان قد حصل على لقب الأستاذ المثالي بالقسم منذ عامين فقط بل وقد حصل على جائزة الجامعة التشجيعية في العلوم الهندسية في نفس العام، ولم يكن مشغولا بغسيل الأموال أو الإعداد لقلب نظام الحكم، وياليته كان يمتلك عبارة أو أدخل السرطان إلى مصر ، فلربما كان حاله أفضل مما هو عليه الآن فنحن في عصر تمتلىء فيه السجون بالشرفاء، شفاك الله وعافاك يا أستاذنا العزيز وفك قيدك وأسرك وفرج عنك

Wednesday, July 4, 2007

الرحلة إلى المجهول



لم أكن أتصور يومًا أنني سوف أسجل وقائع هذه الأحداث التي مرت بي خلال شهر يونيو من عام 2007م داخل سجن
مزرعة طرة أو أنها سوف تجد طريقًا للنشر، ولكنني رأيت أن فيها من المعاني والدروس المستفادة ما يصلح أن يُشكِّل ملامح رسالة واضحة المعالم إلى كل من تشبث بأهداب الدنيا.

وكل مَن ينتابه الحزن على ما فاته فيها وكل مَن شغلته دنياه عن آخرته، وكل مَن ظلم وطغى وتجبر في هذه الحياة الفانية، وكل مَن ظن أنه متربع على كرسيه أبدًا، وكل مَن ظن أنه من الموت بعيد المنال وتلك الرسالة تؤكد أن الجدار الفاصل بين الموت والحياة بين القوة والضعف جدار هش رقيق يسهل عبوره أو اختراقه في لحظة من الزمن قد لا تزيد على لمح البصر لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرًا.

مقدمة الرحلة
لقد بحثت عن عنوان يليق بهذه الأحداث التي وقعت لي في تلك الفترة فلم أجد خيرًا من هذا العنوان؛ لأنها وقائع تمثل فعلاً رحلة إلى المجهول والغريب أن هذه الوقائع تندرج في إطار منظومة أكبر تشمل الأحداث الخاصة بالقضية رقم 2 لسنة 2007م عسكرية لتشكل بدورها رحلة أكبر إلى مجهول آخر ينطبق عليه ما ورد في القرآن الكريم على لسان السحرة مخاطبين فرعون قائلين ردًّا على تهديدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ (طه: من الآية 72) إنما تقضي هذه الحياة الدنيا؛ ولا عجبَ في ذلك فإن تلك الرحلة الكبرى قد حفلت بالكثير من الوقائع العجيبة والمفارقات الغريبة التي تصلح أن تكون منسوجةً في عالم الخيال، أو في كوكبٍ آخر وليست أحداثًا قد سقطت وتطايرت في أرض الواقع معبرة عن مدى الظلم الذي تعرَّضت له فئة من أفضل رموز هذه الأمة يشار لها بالبنان والتقدير والاحترام في محيطها الذي تتواجد فيه سواء كانوا أعضاء لهيئة التدريس بالجامعات أو رجالاً للأعمال والصناعات أو مهنيين قدموا خدمات جليلة لمجتمعهم الذي يعيشون فيه شهد بها القاصي والداني.

بداية الرحلة
لعل القارئ قد أصبح يتوق شوقًا أن يتعرف إلى معالم هذه الرحلة القصيرة إلى ذلك المجهول، وهي رحلة بدأت وقائعها في سجن مزرعة طرة؛ حيث غيَّبت أسواره تلك الرموز في إطار القضية رقم 2 لسنة 2007م عسكرية والتي عُرفت باسم قضية الشاطر وإخوانه، وحيث توالت الأحداث وتتابعت ابتداءً من القبض ثم العرض أمام نيابة أمن الدولة العليا ثم إفراج محكمة الجنايات الذي صدر ثم ما تلا ذلك من اعتقالٍ عقب صدور حكم الإفراج، بالإضافة إلى التحفظ على أموالنا وكأنَّ كل هذا لم يكن كافيًا لردع الشرفاء عن قولة الحق والوقوف أمام الباطل فصدر بعد ذلك قرار الإحالة إلى القضاء العسكري.

وتتوالى الأحداث فيصدر قرار آخر من المحكمة بالإفراج من الاعتقال ثم يتم رفض اعتراض الداخلية على هذا الحكم بحكم ثالث من المحكمة ليؤكد الإفراج الوجوبي الذي ضربت به وزارة الداخلية عرض الحائط، ومن ثَمَّ حدث التعجيل المريب لعقد أولى جلسات المحكمة العسكرية في أقل من 48 ساعةً وقبل اكتمال أوراق القضية، وشاءت إرادة الله أن يصدر القرار التاريخي للقضاء الإداري ببطلان قرار الإحالة للمحاكم العسكرية لهذه المجموعة على يد المستشار محمد الحسيني لترد الداخلية على ذلك، وكأننا في حرب ضروس بالاستشكال في دائرة غير مختصة للتهرب من تنفيذ الحكم ثم يتم الطعن على هذا الحكم أمام دائرة معينة في المحكمة الإدارية العليا معظم أفرادها منتدبون بالحكومة، وتصر هذه الدائرة انفرادها بنظر الطعن رغم الإجراءات التي اتخذت بردها مخالفة بذلك صريح القانون تلك هي الأجواء التي عشناها خلال هذه الفترة.

ولم يكن لنا في هذه الظروف من حيلةٍ إزاء تلك الإجراءات الظالمة المستبدة سوى اللجوء إلى الله وحده نشكو إليه ظلم العبيد للعباد، نشكو الطغيان والفساد الذي أصبح سمتًا ومعلمًا من معالم الظالمين، وفي ظل هذا المناخ اتخذت قرارًا بالإكثار من الصوم، وفرض نظام فيه شيء من الصرامة على الطعام.

وقد كنت مصابًا منذ فترة بالذبحة الصدرية، وبطبيعة الحال كنت أداوم على أدوية خاصةً للعلاج منها الأسبرين، ويبدو أن الصيام مع نظام الأكل الجديد قد تفاعل مع الأسبرين منتجًا قرحة بالمعدة ترتب عليها نزيفٌ دموي لبضعة أيام أدَّى إلى فقدان كمية كبيرة من الدماء وانخفاض نسبة الهيموجلوبين؛ مما هدد بحدوث غيبوبةٍ لي وفقداني للوعي ثم على أثر ذلك نقلي بسرعة إلى مستشفى قصر العيني لعمل منظار يوم الخميس 31/5/2007م؛ حيث تم بالفعل اكتشاف قرحتين بالمعدة، وصدرت أوامر الأطباء بالكف عن تناول الأسبرين حتى يتم علاج القرحة أولاً مع الكف عن الصيام والتخفف من القيود على الطعام.

الرحلة إلى المجهول


توقفتُ عن تناول الأسبرين كما طلب الأطباء، وتم تعديل نظام الطعام، وسارت الأمور على ما يُرام لمدة أسبوعين حتى كان يوم الخميس مساءً الموافق 14/6/2007م لاحظتُ أن العرق الكثير يُفرز من جسمي لأقل مجهودٍ يُبذل.

وأويت إلى الفراش في ذلك اليوم حوالي الواحدة والنصف من صباح يوم الجمعة، و لم أعرف ما الذي حدث بالضبط بعد نومي ولكني فوجئتُ كما لو كان زلزالاً داخليًّا شديدًا قد ضرب جسمي استيقظتُ على إثره بعد نصف ساعة بالضبط عند الثانية صباحًا ووجدتُ عندئذٍ صعوبةً بالغةً في فتح عيني، وانتبهتُ إلى أن قسمات وجهي ظلت متصلبةً لفترةٍ قصيرةٍ عند استيقاظي كما شعرتُ بخدرٍ ملحوظٍ يسري على جانبي فكي الأسفل، وكل هذا كان مصحوبًا بتسارعٍ في ضربات القلب وآلام في الصدر وإجهاد شديد في الكتفين.. لقد مررتُ بأزماتٍ قلبيةٍ قبل ذلك عدة مرات، ولكنني لم أشعر بمثل عنف هذه الأزمة أبدًا.

ولذلك فإنني عندما تعرضتُ لها اختلطت عندي الأمور وحرتُ في معرفة كنه هذه الأزمة.. هل هي حقًّا أزمة قلبية أم أنها بوادر جلطة بالمخ، ولهذا لم أستطع أن أتعامل معها في البداية.. شعرتُ بالإعياء وتخيلت أنني سوف أدخل في غيبويةٍ بعد قليل لم أستطع بالطبع أن أقدر كم من الوقت أستطيع الاحتفاظ فيه بالوعي، ولكنني ظننتُ أنه قليل نظرت إلى رفاقي بالزنزانة فوجدتهم ما زالوا نيامًا، لقد صارت الساعة في حدود الثانية والنصف صباحًا أي أنه قد انقضت نصف ساعة منذ بدأت هذه الأزمة سألتُ نفسي ماذا أستطيع أن أفعل فيما تبقى لي من وقتٍ مجهولٍ أحتفظ فيه بحواسي، راودتني نفسي أن أوقظ أحدًا من إخواني السبعة الذين ينامون معي في الزنزانة ليخف إلى نجدتي، ولكنني سرعان ما صرفتُ هذا الخاطر كراهة الإزعاج، خاصةً أننا في جوف الليل ولو تنبَّه أي واحدٍ منهم لما يحدث لي فإنه حتمًا سيُوقظ الآخرين وسيؤدي هذا إلى إشاعةِ جوٍّ من الانزعاج بل والفزع؛ لأن بابَ الزنزانة موصدٌ من الخارج وليس من السهل فتحه إلا بعد حين.

ولن يقتصر القلق والانزعاج في هذه الحالة على زنزانتنا، بل إن نداءاتهم سوف تصل إلى بقية الزنازين، وسوف يستيقظ كل النائمين.. تخيلتُ كم يكون مؤلمًا على النفس أن تشعر بالخطر يتهدد عزيزًا لديها أمام عينيها ولا تملك له دفعًا أو ردًّا ونظرًا لما أعرف كيف تُدار الأمور داخل السجن فإنني شعرتُ أنه حتى لو طلبتُ النجدةَ فلن تصل قبل ساعات، وعند هذا الحد من التفكير حزمتُ أمري أن أتعامل مع هذه الأزمة وحدي دون إزعاجٍ لإخواني حتى يُفتح باب الزنزانة في الصباح أو يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

أخذتُ أُعيد التفكير من جديدٍ فيما أستطيع أن أفعله، رأيتُ أن أُسجِّل كل الأعراض التي انتابتني على ورقةٍ أمامي حتى إذا غبتُ عن الوعي يراها مَن يأتيني فيعرف المقدمات.. قررتُ أن آخذ حبةً تحت اللسان لتوسيع الشرايين وقلتُ لنفسي إنه مهما كان نوع الجلطة فإنها ستُفيد بلا شك.

وواتتني فكرة كتابة رسالة قصيرة فيما يبدو لي من لحظاتٍ باقيةٍ تكون أشبه برسالة الوداع لإخواني الذين سُجنت معهم وتشاركنا في الآلام والآمال ولأهلي وزوجي وأحبائي الذين أحببتهم، وأنا على وشك فراقهم كما غلب على ظني، كنتُ أفكر عندما شرعت في كتابة هذه الرسالة في كلماتٍ جامعةٍ موجزة حتى أستطيع إكمالها بسرعة، دعوت فيها بالخير لي ولكل مَن سار على طريق الله القويم وجال خاطري مَن ناصبونا العداء واستباحوا حريتنا وأموالنا وأجرموا في حقنا دون وجه حقٍّ وضربوا بمصالح الأمة والعباد عرض الحائط في سبيل تحقيق مطامع شخصية وأهواء فردية، وتساءلتُ: هل أدعو الله أن ينتقم منهم ويجعلهم عبرةً لمَن يعتبر؟ توقفت برهةً ورأيتني لم أملك نفسي إلا أن دعوت الله لهم بالهداية، لقد تغلبت رغبتي في هدايتهم ونفع المجتمع بهم على رغبتي الشخصية في الانتقام والثأر منهم.

لم تزد الرسالة التي كتبتها عن بضعةِ أسطر خططتُ كلماتها لتعبر فقط عن سيل الخواطر التي واتتني بأقل كلماتٍ ممكنة؛ وكانت قلة الكلمات أمرًا طبيعيًّا لأنني لم أكن قادرًا على الاسترسال في الكتابة من جانب، كما أن حالتي الذهنية في مثل هذا الموقف لم تسمح لي بالاستمرار في الكتابة، لقد كان الموقف مهيبًا ليس من السهل تصويره أو رسم معالمه أو الإحاطة به، ومن الغريب أنه رغم ما ذكرت عن هذا الموقف فقد كنتُ على الجانب الآخر أشعر بطمأنينةٍ عجيبةٍ قد بعثها الله في وجداني وأنا جالسٌ أواجه ما قد يعبر بي إلى عالمٍ آخر.

شارفت الساعة الثالثة صباحًا وأنا جالسٌ على سريري أرقب تطورات الحالة وجدت أن الأمور لم تزدد سوءًا فحمدت الله عز وجل على هذه النعمة التي أنعم بها عليَّ وحفظ بها نفسي.. رأيتُ إخواني وقد بدأوا يستيقظون واحدًا تلو الآخر ليقفوا بين يدي الله رُكعًا وسجدًا في صلواتٍ في جوف الليل البهيم؛ فضلتُ أن أتركهم يصلون لربهم فالأمر ما زال لا يحتاج إلى تدخلهم أو إزعاجهم.

لحظات قليلة انقضت بعد ذلك ثم أحسستُ أن الأزمة بدأت تنقشع بالتدرج ورويدًا رويدًا انطلق أذان الفجر يدوي بين جنباتِ العنبر بصوتٍ عزبٍ رخيم وجدت أنني بحمد الله ما زلتُ على قيد الحياة، بل وأحسستُ بتحسنٍ ملحوظٍ ينطلق داخل كياني لقد أستطعتُ عندئذٍ أن أنهض من جلستي التي كنتُ عليها بل وأمكن لي أن أُصلي الفجر مع إخواني، ولم أتمالك نفسي من أن يلهج لساني بالحمد والثناء والشكر لله عز وجل.. لقد أحسست أنني كنت في رحلةٍ إلى المجهول


د/عصام حشيش.

Tuesday, July 3, 2007

"آهٍ لو تحكمنا يا عمر"





دقت الساعة معلنةً العاشرةَ مساءً حين كنت أشاهد برنامجًا تلفازيًّا عن حقوق الإنسان في مصر الحبيبة، مر بخاطري طيف أستاذي المعتقل د. عصام حشيش حين وقف يومًا يحاضرنا بهندسة القاهرة، مرت الذكريات برأسي تباعًا كأني أراه مبتسمًا يشرح العلوم المستعصية في سلاسةٍ تأبى أن تزور الكثير من زملائه، كأني أسمعه بأدبه الجم يحدثنا عن أنه يفضل استقلال البنات بنصف المدرج الأقرب للباب حتى إذ شبَّ حريقٌ كان خروجهن أسهل، كأني به في تلك الليلة من شهر رمضان وقد مدَّ لطائفةٍ من زملائه مائدة إفطار عامرة، التفتُّ لواحد منهم أسأله فيم كل هذا؟ فيرد هذا هو عصام حشيش الكريم الذي يُنفق عطاء مَن لا يخشى فقرًا ولا حاجة.

تتابعت الذكريات بذهني فاستلقيتُ على السرير وأنا أتثاءب وأسقط نائمًا، وما هي إلا ثوانٍ حتى أيقظني صوت طرقات على باب منزلي وإذا بالساعة الواحدة بعد منتصف الليل، قفزت من سريري على عجلٍ لأفتح الباب وإذا هم رجال أمير المؤمنين، تراهم فينشرح صدرك وتشعر بالأمان والطمأنينة إذ إنَّ هناك مَن يسهر على حراستك في تلك البلاد السعيدة، فتحت مبتسمًا "يا مرحبًا بزوار الفجر"، تقدَّم كبيرهم معتذرًا: "يا أخي الكريم آسف جدًّا لإيقاظك في هذه الساعة، أمير المؤمنين عمر يحتاجك في استشارةٍ تخص الأمة، وأنت كعهدنا بك لا تنزعج أن نوقظك ما دامت نصرة الأمة والدين تناديك".

تقبلته باسمًا سعيدًا، داعيًا الجميع للاستراحة وشرب الشاي في غرفة الجلوس ريثما أرتدي ثيابي، أبوا جميعًا أن يدخلوا منزلاً في مثل هذا الوقت وأهله نيام تأدبًا بآداب ديننا الحنيف، كرروا الاعتذار مرارًا عن المجيء في مثل هذا الوقت وجاد أحدهم بكيس حلوى للصغير الذي أيقظه صوتي لا أصواتهم، فروا إلى أسفل المبنى ينتظرون في سيارتهم ولحقتُ بهم خلال دقائق وقد أحضرتُ حاسوبي المحمول وبعض الطعام لأضيفهم به، استأذنوا في الانصراف ليستكملوا نشاطهم في حفظ استتباب الأمن- المستقر بطبيعة الحال- ما دمت أعرف الطريق إلى دار الأمير التي لا يغلق بابها في وجه محتاجٍ أبدًا.

لكن قبل أن أنطلق تقدَّم أحدهم "سأقود عنك سيارتك فقد انتهت دورتي في الحراسة لهذه الليلة"، حاولت أن أعفيه من تلك المهمة ليعود إلى داره ويرتاح فقال: "لا عليك، سأصلي قيام الليل في مسجد المخابرات المركزية حتى تنتهي من لقائك بالأمير ثم أعود بك إلى الدار لعلي أكون من ﴿الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾.. انطلقنا وراح هو يدندن بصوته الشجي خلال الطريق: نحن جند الله أبطال الفدا- إن دعانا الحق لبينا الندا.

وصلنا بعد دقائق معدودة إلى هدفنا فقفزت إلى سمو الأمير المنتظر على الباب محتضنًا إياه، استأذن هو من محادثه على الهاتف المحمول ليحييني ثم عاد إليه قائلاً: "لا بأس إذًا، سأحدث خازن بيت المال لنزيد من الطعام المخصص لزوار بيت المقدس ما دام الحجاج المسيحيون قد زاد عددهم هذا العام، وعليك بانتقاء أطايب الطعام لهم يا أخي رجاء" ضحك قبل أن ينهي المحادثة ويلتفت إليَّ قائلاً: "كان هذا أخانا أمير بلاد الشام وكنت أضحك حين حدثني أن الشياطين أرادوا يومًا اختبار مواد كيميائية جديدة فأطعموا أبناءَهم موادَّ ملوثةً بالمبيدات المسرطنة" قلتُ له ضاحكًا "وفي روايةٍ أخرى يا سمو الأمير: أراد زعيمهم إبليس أن يقلل من تعداد سكان بلاده كيلا ينازعه الغوغاء ملكه وجبروته، فأغرق جماعات منهم في سفن خربة وخطط لتتصادم قطاراته العطبة فيتخلص من طائفةٍ أخرى، ثم أبدع فأحرق البعض الآخر خلال تجمعهم في أحد المسارح، وحين ضاق بالقوم ذرعًا أرسل فيهم ناقلات دم ملوثة وأعمل فيهم السموم وأمراض الكبد الوبائية، أرأيت كيف اهتدى لتلك الحيل الشيطانية التي لا يتفتق عنها إلا ذهنٌ لعينٌ جهنمي مثله"، ضحكنا ونحن ندعو المولى عز وجل ﴿رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ ونرجوه أن يبارك في رجال هذه الأمة أطهار الذمة والسريرة، أطهار اليد الذين يحرصون أن يذهب كل قرش لمستحقه خشية المولى لا خشية سيف الأمير أو طمعًا في ذهبه.

لحظات من الصمت قطعها الأمير بقوله: "في الواقع نحتاجك في مهمةٍ صعبةٍ يا أخي، لقد طوَّر علماء غرناطة وقرطبة آلة للانتقال عبر الزمن، وقد أردنا أن يجربها ثقة من رجالنا وبعد أخذ الشورى بين مجلس حكماء الأمة أخذًا بقوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ استقرَّ الأمر أن نُرسلك إلى المستقبل إن وافقت"، قبل أن أسأل بادرني موضحًا "الأمر بسيط جدًّا ولن يستغرق دقائق، مهمتك فقط أن تستكشف أوضاع الأمة في اللحظة التي ستصل إليها وتنظر كيف تُحكم الأمة هل بجبرية أم بملك عضود أم بخلافة راشدة على منهاج النبوة، لا أكثر من ذلك "، قفز رجاله يضعوني في بدلةٍ خاصةٍ ويرشدوني إلى طريقي تُشيعني ابتسامات الرضا من أمير المؤمنيـن الذي لحق بي على باب الآلة ليعطيني منظارًا مكبرًا قائلاً: "عله يعينك في استكشاف الأوضاع عن بُعد دون أن تضطر للتعامل المباشر، أستودع الله دينك وأماناتك وخواتيم أعمالك، لا تقلق يا أخي ستعود بخيرٍ إن شاء الله"، ابتسمتُ قائلاً: "خيرًا إن شاء الله، أليس الله بكافٍ عبده؟".

ثانيةٌ واحدةٌ مرت أو هكذا شعرت حين أغلق الباب قبل أن تتوقف الآلة وأخرج منها حائرًا، نظرت في الطريق أتفرس في معالمه لعلي أتعرف على الدرب إلى موقف السيارات أو المسجد المركزي حيث يصلي رجال الأمير فما تعرفتُ على شيء ولا بدت لي أي ملامح معروفة، وفجأةً رأيتُ رجال الأمن قادمين من أول الشارع، تهللت أساريري وحثثت الخطا نحوهم ليرشدوني إلى قصر الأمير، لكن لسبب ما بدأت أشعر بالانقباض مع اقترابهم مني وكلما اقتربت منهم زاد انقباضي حتى وجدتهم يجرون نحوي صائحين "إنه ملتحٍ ويبدو ملتزمًا، امسك أصولي"، صاح مارٌ بي وهو يجري "إنهم يأتمرون بك ليحبسوك فاجر يا أخي إني لك من الناصحين"، أطلقت ساقيَّ للريح خلفه والعجب العجاب يتملكني فمنذ متى صار الالتزام جريمةً في دولة الحق والقوة والحرية التي أرسى أركانها ودعائمها أمير المؤمنين عمر، راوغنا في عدة شوارع جانبية حتى أفلتنا من ملاحقة وحوش الفزع الباغية التي كانت تلاحقنا بلا جريمةٍ اقترفناها.

وقفت ألتقط أنفاسي لثوانٍ ثم أمسكت بتلابيب مرافقي صائحًا: "ماذا حدث؟ وأين أمير المؤمنين وعسكر الحق من هذا العبث الإجرامي؟"، نظر الرجلُ إليَّ مندهشًا وهو يقول "عمَّ تتحدث يا أخي الفاضل؟ هل هبطت علينا من كوكب المريخ؟ لقد ولَّى عهد الأئمة الراشدين ونحن نعيش في ظلمٍ متفشٍ منذ عقود، تحكمنا قوانين جائرة ظالمة باغية، وطغمة من فاسدي الذمم كل همهم هو سرقة قوت الشعب، لا يتورعون عن قهر المظلومين بيانًا، وأكل الأموال عدوانًا، وابتغاء رضا الغرب بسخط المولى عز وجل جهارًا نهارًا، ولا يُبَث فينا إلا إعلام فاسد ماجن لا هدفَ له إلا سحق كل القيم والأخلاق والمبادئ التي نقرأ عنها في كتب التاريخ فقط، وكل قوات الأمن والشرطة والجيش مُسَخرة لخدمة الحاكم الظالم وسحق مَن يتجرأ من الشعب المسكين على استحضار حديث الحبيب المصطفى الذي صححه الشيخ الألباني: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وما بقي لنا من أئمة الهدى والتقى والرشاد أحد، فهم إما خلف القضبان أو قد فاحت رائحة دمائهم الزكية الطاهرة، فالحرية عندهم هي حرية الانحلال والخلاعة لا حريةَ الدين والعقيدة، إنهم يا أخي قد طاردوا الأصولي وكرموا المنافق الوصولي".

دارت بي الأرض وكدت أسقط وأنا أحاول أن أستوعب ما يقوله محدثي، لم يمهلني لأسأله متى وكيف حدث هذا بل جذبني لنرتقي إلى سطح أحد المباني وهناك رأيت لوحةً عملاقةً تحجب ضوء القمر في مدخل الشارع "مرحبًا بك في دولة الظلم والفساد والاستبداد، كن خانعًا تافهًا أو تابعًا حقيرًا تعيش معنا مستورًا".. لم أستطع أن أصدق ما تراه عيناي، نظرت من فوق السطح إلى نوافذ المباني فرأيتها كلها تتشح بالسواد ولوحات قماشية تمتد بعرض الشوارع تئن بما تحمله من كلمات: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)﴾ (البروج)، "يا جنود الله صبرًا.. إن بعد العسر يسرًا"، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)﴾ (المجادلة)، طال انتظاري فمتى يعود أبي؟"، صوت صياح وصراخ جعلني أنظر من الأعلى لأرى شيخًا وقورًا ذا هيبة يقتاده جيشٌ من العسكر إلى مصفحاتهم الصدئة تشيعهم دعوات أهله وجيرانه بالهلاك وعذاب الله وهو يشير إليهم هادئًا مؤازرًا وأبناؤه يحتسبون ويحوقلون ويهتفون "سيزول ليل الظالمين وليل بغي المجرم، سيزول بالنور الظلام.. ظلام عهد آثم".

طلبت من رفيقي أن يدلني على مقر قيادة الأمن أو العسس إن كان ما زال لهم وجود، نظر إليَّ بحدة ثم قال "ليسوا أمنًا بل فزعًا ورعبًا يا أخي، سأقربك إليه لكن لن أصحبك يا أخي فأنت تبدو صاحب مغامرات وجرأة ولم تذق مثلي سياط البسيوني أو صلاح نصر أو شمس بدران أو زكي بدر أو حسن الألفي أو حتى حبيب العادلي أو ربما لم تقرأ يوميات محمد يوسف هواش عن مذبحة ليمان طرة"، نظرتُ إليه مستفهمًا فواصل "يا أخي دع عنك هذا التظاهر، أتريد أن تخبرني أنك لم تسمع عن فؤاد علام يتنصل من دماء السنانيري، أو تزعم يا أخا الإسلام أن دماء سيد قطب صاحب الظلال ومعالم في الطريق لم تحرك ساكنًا لديك؟ هل تدعي أن دماء القاضي الشهيد عبد القادر عودة لم تسل دموعك؟ أوما اهتزت أوصالك لمشهد دماء الإمام المجدد حسن البنا تسيل في ظلمة الليل منهيةً صفحةً ناصعةً سطَّرها بيديه إحياءً لمجد هذه الأمة؟".

نظرت إليه وقد تمكَّن مني الذهول تمامًا وهو يتمتم بين دموعه بقول الحق تبارك وتعالى ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)﴾ (إبراهيم) بادر بجذبي من يدي لنقفز من سطحٍ إلى سطح، حتى وصلنا إلى سطحٍ يبعد مسافةً طويلةً عن مبنى أسودٍ كئيبٍ، أخرجتُ منظاري والتفتُّ لرفيق الكفاح فإذا به يستودعني الله ويطلق للريح ساقيه، عدت أصوب منظاري نحو إحدى غرف ذاك المبنى الأســود، لم أصدق عيني وأنا أرى مجلات المجتمع مرتمية هنا وهناك مع أعدادٍ من جريدتي "آفاق عربية" و"الشعب" وأخريات من الرائدات في عالم الصحافة الإسلامية، وبينها يرقد الأستاذ أحمد عز الدين يئن من شدة آلام الانزلاق الغضروفي وهو يدعو لوالدته بالرحمة والفردوس الأعلى من الجنة، فركتُ عيني عدة مرات وأنا أتحول للغرفة المجاورة فأرى الدكتور محمد علي بشر ملتحفًا كوفيته يقيم ليله في خشوعٍ كما اعتاد وكأني أسمع صوته الندي يتلو من آي الذكر الحكيم ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)﴾ (الأنبياء) فيحلق بنا في عالم الجنان الروحاني، واصلت المشاهدة لأرى العلماء الأفاضل الدكتور محمود أبو زيد والدكتور خالد عودة يتواصون بالصبر على الأذى في سبيل الله فشعرتُ بالأسف لنظامٍ لا يُوقِّر علماءه وبالأسى لسلبية وقصر نظر زملائهم المدرسين وطلابهم الذين ما بذلوا جهدًا كافيًا حتى يعود الحق السليب لأهله.

حولت المنظار لأرى سامي الحاج وقد استبدَّ به الجوع إثر إضرابه عن الطعام في محبسه الذي طال مصحوبًا بصمت المجتمع الدولي ذي المكيالين، عدت بالمنظار لأرى الدكتور عبد الرحمن الشميري وصحبه الإصلاحيين بأم القرى وقد طال انتظار أبنائهم شهورًا لرؤيتهم، رأيت أيمن نور وطلعت السادات وممدوح إسماعيل كل يئن في زنزانته، رأيت الدكتور عزيز الدويك والشيخ جميل الأمين والشيخ أنور العولقي وأنور إبراهيم وسامي العريان والأستاذ يوسف ندا والشيخ توفيق الواعي والشيخ فتحي الخولي، إما في الغياهب مغيبون وإما بالقوات ملاحقون وإما عن الديار مبعدون، رأيت دماء طاهرة لأكرم زهيري ومسعد قطب وعبد الحارث مدني وطارق غنام ويوسف طلعت ومحمد فرغلي وهنداوي دوير، رأيت ثلاثي التبتون رحيل أحمد وشفيق رسول وعاصف إقبال وإخوانهم المسلمين في جوانتنامو يشكون إلى الله ظلم الطغاة وصمت العباد.

وصلت إلى الغرفة الأخيرة لأرى أستاذي الفاضل د. عصام الدين عبد الحليم حشيش يرفل في قيده الظالم ويخطو كعهدنا به هادئًا وقورًا لا يذل إلا لخالقه الكريم، يتقدم ليحاكمه عسكر فساد وإفساد حسبما أمر طواغيت البغي والعدوان، فيقف أمامهم جلاده شامخًا، رابط الجأش، ثابت الحجة، قوي البيان، فصيح المقال، هممت أن أصيح بعسكر الظلم ليتعرفوا على بعض فضله فيطلقوه حين هوى على كتفي لوح من الحجر صاحبه صوت كأنه زئير أسد جائع وجد فريسةً ثمينةً، التفتُّ فزعًا وإذا هم عساكر الطاغوت الأكبر يجرون نحوي ليؤازروا زميلهم الذين أتاهم بي كصيد ثمين ويعلو جعيرهم متداخلاً، وما كان ذاك اللوح إلا كف عملاقة جذبتني وارتفعت ثانية لتهم بتغيير ملامح وجهي وأنا أصيح مستنجدًا...

"استيقظ .. استيقظ يا ابني حرام عليك كفاية" فتحت عيني مع شهقة حادة وإذا بأخي يقول "ماذا أصابك يا أخي؟ تصيح وأنت نائم، خير اللهم اجعله "خير"؟ هيا اغسل وجهك سريعًا لنلحق بنشرات الفضائيات، هناك ملف خاص الليلة عن المحاكمات العسكرية وصراع الحق والباطل في بلادنا الغالية التي تئن تحت وطأة حكم الطواغيت الظالم". التفتُّ إليه أود أن أسأله عن الطريق إلى قصر أمير المؤمنين لكن انتبهت أني عدت إلى واقعي المرير فتنهدت وأنا أقول "آهٍ لو تحكمنا يا عمر".
------------
* أحمد علي


نقلا عن موقع إخوان أون لين

Saturday, June 30, 2007

اللهم أشفه و فك أسره

الداخلية اعتقلته بتهمة غسل أموال الإخوان رغم أنه لا يملك شركة استثمارية ليغسل فيها أمواله !

الأزمة الصحية التى تعرض حياة الدكتور عصام حشيش للخطر ، كانت متوقعة إلى حد كبير فى ظل الظروف السيئة التى يعيشها فى معتقلات النظام منذ ما يقرب من سبعة اشهر بعد القبض عليه ضمن أربعين آخرين من قيادات الإخوان أحيلوا للمحاكمة العسكرية فيما عرف بقضية غسيل الأموال .
الدكتور عصام حشيش أستاذ هندسة الالكتورنيات بجامعة القاهرة ، الذى تتهمه الداخلية بغسل الأموال لا يملك شركات يغسل فيها الأموال أصلاً ، ولا يعمل بالبيزنس من الأساس !
حصل الدكتور حشيش على لقب الأستاذ المثالي لجامعة القاهرة عام 2005 ، كما منحته الجامعة جائزتها التشجيعية عام 2004 بالاضافة إلى حصوله على 8 نياشين فى مناسبات مختلفة من الجامعة فضلاً عن شهادات تقدير متنوعة فان عصام حشيش متعدد المواهب و الأنشطة و له إسهامات عديدة سواء فى المجالات الاجتماعية أو على المستوى الاكاديمى الذى حقق فيه العديد من الإنجازات منها على سبيل المثال إعداد و تنفيذ عدد كبير من المشروعات المتعلقة باكتشاف المعادن و المياه الجوفية بالمناطق المصرية عن طريق استخدام الجس الكهرومغناطيسي بالاضافة إلى بحوث تصميم الاتصال على نظم الأقمار الصناعية ، فضلاً عن إشرافه على أكثر من 35رسالة ماجستير و دكتوراه و نشر ما يزيد على 50 مقالة علمية فى المجالات المتخصصة داخل مصر و خارجها ، كما يشغل العديد من المناصب العلمية منها شغله منصب نائب مدير مركز التكنولوجيا العالمية منذ 3 سنوات .

و على المستوى الاجتماعي كان لحشيش بصمات يذكرها زملاؤه و رؤساؤه الذين سارعوا بالتدخل لنقله إلى مستشفى قصر العيني فور علمهم بمرضه و قبل ذلك تنظيمهم لوقفات احتجاجية متعددة بكى فيها طلابه و أصدقاؤه منذ اعتقاله ، كما يشغل عضوية 12 مجلساً و لجنة فى مجالات العمل الاجتماعي أبرزها كونه مقررا لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان بجامعة القاهرة .

و الدفاع عن سجناء الرأى ، إلا أن كل ذلك لم يغفر لحشيش عند زبانية الداخلية الذين اقتادوه إلى غياهب معتقلاتهم رغم علمهم باعتلال صحته قبل أيام من اعتقاله بسبب مشاكل صحية فى شرايين قلبه .

ليست هذه هى المرة الوحيدة التى يسدد فيها الدكتور عصام حشيش ضريبة إيمانه بأفكار قد لا نؤديها و لكن لا بد أن نحترمها ، فقد سبق اعتقاله مرتين قبل ذلك أولاها فى عام 1981 عندما اعتقلته الداخلية بعد مقتل السادات ليقضى أربعة عشر شهرا داخل المعتقلى قبل أن يفرج عنه بدون محاكمة .

أما الثانية فكانت فى عام 1995 م و استمرت لأربعة اشهر أحيل خلالها إلى الحاكم العسكرية و حصل على حكم بالبراءة و كانت تهمته وقتها مشاركته لآخرين فى التقدم بطلب لتأسيس حزب وسط .

نقلا عن جريدة الدستور

Thursday, June 28, 2007

مقال للكاتبة نجلاء بدير

مقال للكاتبة : نجلاء بدير

أعتذر عن أسباب انقطاعي عن الكتابة لأسباب كثيرة لا أستطيع سردها ، وبالنسبة لمن يعرفني فالطبيعي أن أتوقف عن الكتابة ، فى حين أن العودة لكتابة هو الخبر الذى يستحق التوضيح ، لماذا قررت العودة ؟
قررت العودة لأكتب اننى زرت د . عصام حشيش فى قصر العيني بدون سابق معرفة و اتسعت ابتسامة عندما سمع أسمى و أشار إلى جريدة (( الدستور )) الموضوعة بالصدفة بجوار سريره فى المستشفى ، و قال ببساطة أنا عارفك كويس .
قبل الزيارة بيوم قرأت فى جريدة (( الدستور )) أن د . عصام حشيش أصيب بأزمة قلبية بعد نزيف معدة ، و انتقل إلى قصر العيني ، فشعرت أن زيارة واجبة و اعتماداً على اننى اعرف قصر العيني ، كما اعرف بيتنا ، انطلقت بدون تفكير ، حتى وصلت إلى سرير ممدد عليه رجل فى غيبوبة على جهاز تنفس صناعي ، شهقت بمجرد رؤيته ، التفت إلى الممرضة الواقفة قريباً فسألتها (( هو ده الدكتور عصام )) أجابت (( و مالك اتخضيتى كدة ليه )) ، قلت (( لأني فاكراه كويس )) فأشارت إلى غرفة أخرى (( الدكتور هناك و هو كويس و أحنا كلنا بناخد بالنا منه )) .
لا اعرف شكله إلا من الصور القليلة التى تنشر له فى الصحف ، و هى مختلفة كثيراً عن الحقيقة ، الروح مختلفة ، الطاقة التى تشع من عينيه ، الابتسامة الهادئة المطمئنة التى تملا وجهه ، ثم إصراره على التأكيد بان صحته تحسنت جداً .
رغم اننى عرفت من اصدقائى الأطباء أن حالته غير مستقرة ، و أن علاجه صعب حيث أن الأدوية التى لا يمكن الاستغناء عنها لعلاج القلب تسبب تدهور حالة قرح المعدة المستعدة للنزف .
لم أقدم له نفسي و لم يسألني ، فعرفت انه من ذلك النوع النادر الذى يعتبر نفسه صديقاً لكل البشر ، سمع أسمى بالصدفة عندما سالتنى الطبيبة (( حضرتك دكتورة هنا ؟ )) .
خرجت من الزيارة محلقة ممتلئة بطاقة ذكرتني بالطاقة التى كان ينقلها لي (( سعد الموجى )) رحمه الله عندما كنت أزوره فى نفس المكان .
الإيمان بفكرة هو ما يجمع بين سعد الموجى المناضل اليساري و بين عصام حشيش المناضل الإخوانى .
بمنتهى الانتهازية و الاستغلال قررت أن أتطفل على د . عصام يومياً لتنتقل لي بعض من طاقته ، فأكتب ، تماماً كما كنت افعل مع عم سعد .

نقلاً عن جريدة الدستور
28-6-2007

Thursday, June 21, 2007

نسألكم الدعاء

تعرَّض الدكتور عصام حشيش- الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة وأحد المحالين إلى المحكمة العسكرية- لأزمةٍ
صحية بالقلب، في ساعةٍ مبكرةٍ من صباح أمس الأول، وهو ما دفع الإخوان المعتقلين معه في الزنزانة بمطالبة إدارة السجن بسرعة نقله إلى المستشفى منذ الفجر؛ إلا أنه تم نقله إلى مستشفى الليمان قرب العصر رغم سوء حالته، إضافةً لتدني إمكانيات هذه المستشفى.وبعد محاولات قام بها نجله وتوصيات الأطباء وافقت إدارة السجن على نقله ظهر اليوم الأربعاء إلى مستشفى المنيل الجامعي؛ وبالفعل تحرَّكت سيارة الإسعاف وانتقلت به إلى مستشفى المنيل الجامعي وأثناء قيام نجله بإجراءات الدخول أصرَّت قوة السجن على أن يظل الدكتور حشيش داخل سيارة الإسعاف حتى تنتهي الإجراءات، وفي أثناء تغيب ابنه لمدة عشرة دقائق قام الأمن بإعادته إلى مستشفى الليمان بحجة أن أوامر جديدة صدرت بعودته ونقله للمنيل الجامعي بعد أسبوع
تم نقل د/ عصام لمستشفى القصر العيني الفرنساوي يوم الخميس

Wednesday, June 20, 2007

ما كتب عنه ف الصحف

مقالات أخرى من الصحف

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us

Image Hosted by ImageShack.us

Image Hosted by ImageShack.us

Image Hosted by ImageShack.us

Image Hosted by ImageShack.us

Image Hosted by ImageShack.us

المصري اليوم : محامي خصوصي لكل مواطن

المصرى اليوم (128 )

محامى خصوصى لكل مواطن

تابعت الأسبوع الماضى برنامج "على الهواء" (أوربت) حيث نصح دكتور فتحى سرور (رئيس مجلس الشعب) كل مواطن بضرورة استبقاء رقم "محاميه الخاص" معه في حال مداهمة الأمن لبيته (دون إذن قضائى طبعا). و قد أذهلنى من بين أشياء أخرى اعتقاد د. سرور أن من المسلم به أن كل مواطن مصرى له محاميه الخصوصى المتأهب لنجدة موكله في حال اقتحام بيته أو اعتقاله. لن أذكّر الدكتور سرور بسكان قلعة الكبش النائمين في العراء منذ أسابيع أو أسأله إن كان يتوقع أن من لا بيت له بإمكانه استئجار محامى خصوصى (أو عام) و لكنى سأسأله إن كان مواطنى الطبقة الوسطى يمتلكون تلك الرفاهية! و إن كانت العبرة بالتطبيق كما يؤكد لنا دوما فإليه أهدى رسالة دكتورة سميرة محمد أحمد، زوجة العالم المصرى المعتقل د. عصام حشيش.

"حينما أخذوا زوجي الدكتور عصام حشيش قال "أستودعكم الله" فقلنا له "نستودعك الله" أيضًا، وهكذا أصبحنا في كنف الله جميعًا ;أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ; (الزمر: من الآية 36.

كنتُ أردد هذه الآية للأولاد حينما توعدنا أحدهم بالرجوع مرةً أخرى بعد اقتياد زوجي معهم و إصرارهم على أخذ مفتاح الشقة و تهديد زوجي بأنه سوف يعود مرةً أخرى.

لكن لم يخطر ببالي أنه سوف يُنفذ هذا التهديد؛ كنتُ رغم ما حدث من اعتقالٍ ظالمٍ لزوجي وأمرٍ مجحفٍ بعدم التصرف في أموالنا التي ما جمعناها إلا من كدٍّ ومن تعب؛ فلم نتاجر في الفياجرا ولم نتاجر في المخدرات ولم نتاجر في أرواح البشر ولم نتاجر بصحةِ الناس؛ كنت رغم كل هذا أظن أنه ربما توجد خطوط حمراء لكرامة الإنسان؛ ولكني صدمتُ لما حدث معي يوم الإثنين 13/3/2007، الساعة التاسعة مساءً فقد كان يفوق كل ما حدث لنا من قبل من إرهاب.

حينما طرقوا عليَّ الباب وأنا بمفردي في الشقة زاعمين أني أُخبِّأ أحدًا عندي بالمنزل ذكرتُ لهم أني بمفردي في الشقة وليس معي أحدٌ من أولادي ولا أستطيع أن أفتح لهم الباب إلا في وجود أحد من أولادي؛ وطلبت منهم أن يمهلوني للاتصال بأحد أبنائي ليحضر ولكنهم رغم ذلك استمروا في الطرق على باب المنزل بعنفٍ شديدٍ وتهديدي بكسر باب الشقة؛ حتى حينما قلتُ لهم إني سوف أرسل للصحافة لترى ما تفعلونه بالنساء بعد أخذ أزواجهن قالوا: "أنتِ عارفة إن إحنا مش بيفرق معنا صحافة"؛ وحينما طلبتُ منهم إذن التفتيش قالوا "إحنا مش بتوع أذون، وأنتِ تعلمي هذا فدائمًا نأتي دون إذن".. بالطبع ودون خوفٍ من المساءلة من أحدٍ لأنَّ هذه أشياء ليست في قاموسهم.

كلما أتذكر محاصرتهم لي وأنا امرأةٌ مسنةٌ- أبلغ من العمر 55 عامًا- في بيتي و تهديدهم لي بكسر باب منزلي أشعر بأنني في ذلك اليوم لم أكن في بلدي التي أُحبها وما زلتُ أحبها وسوف أظل أحبها مهما فعلوا بنا، بل شعرتُ لحظتها أنني في العراق وأنَّ المحاصرين لي هم أمريكان يقتحمون بيتًا أعزلاً كما نرى في نشرات الأخبار أو حتى في فلسطين محاصرين بجنود الاحتلال.

إحساس فظيع أن تشعر بعدم الأمان في بلدك وفي بيتك، مرَّ بي سريعًا، ثم تلته رحمات الله وسكينته عليَّ وتذكرتُ كلمات زوجي "أستودعكم الله" فاستشعرت معية الله معي.

كنتُ أعلم معية الله علم اليقين فأصبحتُ أراها عين اليقين تبدَّل خوفي أمنًا واضطرابي ثباتًا وأحسستُ بالاطمئنان لحفظ الله لي، وبعد أن كنت أخشى من فتح الباب وبعد نصف ساعة من الترويع لي من الخارج وإصراري على عدم فتح باب المنزل إلا بوجود أبنائي وإظهار إذن التفتيش الذي لم يكن معهم ولم يظهروه لي اضطررتُ أخيرًا أن أفتح باب المنزل وحفظني الله".

و تنهى زوجة د. عصام حشيش رسالتها بتساؤلات عن حقوق المواطنة التى تغيرت من أجلها مواد الدستور و عن موقف المجلس القومى للمرأة من واقعة كهذه و عن من يسترد لها حقوقها المهدرة من أموالها التى لا يمكنها التصرف فيها و صحتها و صحة أولادها التى تأثرت بما يحدث.

لقد حدثت تلك الواقعة قبل إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة. و يبدو أن د. سرور كان يعنى ما قاله عن ضرورة الاحتفاظ بأرقام المحامين الخصوصيين. فلتنسوا أيها المواطنون مصاريف التعليم و الدواء و السكن و الطعام كى تدفعوا للمحاميين. و بالمرة انسوا تلك الكلمات البراقة التى يضحك بها المعارضون الجهلاء عليكم و المسماة "حرية" و "كرامة" و "مواطنة" و "انتماء". و أهلا بكم في زمن التعديلات.
د. سحر الموجى

Thursday, June 7, 2007

عصام حشيش والبركة المنزوعة

عصام حشيش والبركة المنزوعة
د. صلاح عـز

كنت أنوي الكتابة اليوم عن حسني مبارك وفؤاد السنيورة ، الرئيس "فاقد الشرعية" للحكومة اللبنانية ، كوجهين لعملة واحدة في سوق الظلم والإستكبار. لكني إخترت تأجيل هذا الموضوع بعد مطالعتي لصورتي عصام حشيش وهاني هلال (مع حفظ الألقاب) في عدد السبت الماضي (وكل منهما زميل في كلية الهندسة جامعة القاهرة) مع رسالة من الأخت الكريمة زوجة حشيش تشكو فيها ما وقع عليها وعلى أبنائها وأحفادها من ظلم وعدوان.
لقد بدأت معرفتي بعصام حشيش منذ عشرين عاما بعد عودتي من الولايات المتحدة عندما إتصل بي طالبا ترشيح نفسي على قائمة التيار الإسلامي في إنتخابات نقابة المهندسين ، وبعدها طلب مني ترشيح نفسي لعضوية مجلس إدارة نادي هيئة التدريس في إنتخابات النادي . ومن خلال عضويتي في النقابة والنادي توطدت علاقتي بحشيش وبنخبة كبيرة من الإسلاميين إخوان وغير إخوان. ومن بين كل الصداقات التي كونتها خلال هذين العقدين ، كان حشيش هو دائما الأحب إلى نفسي والأقرب إلى قلبي. وعلى المستوى الإنساني لا أظن أن هناك من لم يتأثر به ، فهو المحبوب من طلابه وزملائه وإخوانه ، وهو السمح البشوش مع مخالفيه والذي لم أراه يوما غاضبا حتى عندما كنت أشكو له تصرفات غير لائقة كنت أراها من بعض (الإخوان) في النقابة. ولذا كنت كلما قرأت خبرا عن إعتـقالات في صفوف الإخوان ، أمر بسرعة على الأسماء خوفا من أن يكون حشيش مدرج في القائمة ، وهو ما جرى أخيرا على خلفية الضوضاء التي إفتعلتها جماعة من الأفاقين في الصحف "القومية" وجدوا فيما جرى من طلبة الإخوان في جامعة الأزهر فرصة للإصطياد في الماء العكر. صحيح أن هناك من أقلقه سلوك الطلبة الأحمق باستعراض مهاراتهم القتالية ، وأعرب عن قلقه بموضوعية ، إلا أن غالبية من تناولوا هذه المسألة رأوا فيها فرصة لضرب عدة عصافير بحجر واحد : تـنفيس أحقادهم ضد الإسلاميين وإرضاء الحاكم ونفاقه وإقصاء أقوى الخصوم السياسيين ، وبالتالي تمهيد الأرض لتوريث سلس. وهؤلاء (جنود فرعون) يتحملون المسئولية الأكبر فيما جرى لحشيش وزملائه المعتـقلين وزوجاتهم وأطفالهم وأحبائهم.
أما هاني هلال ، فلم تكن معرفتي به وثيقة كمعرفتي بحشيش ولكني أعرف عنه سيرته الحسنة وإخلاصه لعمله ، وخدماته التي قدمها للجالية المصرية في فرنسا عندما كان منذ سنوات قليلة ملحقا ثـقافيا بالسفارة المصرية في باريس. ولذا أحسست بالإشفاق عليه عندما علمت بنبأ تعيينه وزيرا في حكومة حزب مبارك ، وتوقعت أن يقع في نفس الفخ الذي وقع فيه كثيرون قبله من المخلصين الذين كانوا يظنون أنهم يمكنهم من موقع الحزب الحاكم تقديم خدمات وتحقيق إنجازات. لكن هلال لم يلتـفت إلى أن وجوده في باريس ، بعيدا عن المناخ المسموم المحيط بنظام فاسد حتى النخاع ، ليس كوجوده في قلب هذا النظام. لقد دمرت حكومات مبارك خلال ربع القرن الماضي جامعات مصر تعليميا وبحثيا وأخلاقيا. وهاني هلال يعرف كيف كانت الجامعة ونحن طلبة منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود وكيف أصبحت. ومع ذلك يعتـقد أنه يستطيع ــ وهو يعمل ضمن هذه المنظومة الفاسدة ــ أن يصلح في أعوام قليلة ما جرى من تخريب خلال ربع قرن.
واقع الحال هو أن الله لا يصلح عمل المفسدين وأن فاقد الشئ لايعطيه ، وأنه لو كان هناك ولو القليل من الإيمان والتـقوى لدى قيادات هذا البلد لما نزعت البركة ، وأنه لايوجد ما يدلل على ذلك مثل الزج بخيرة مواطني مصر من أساتذة وأطباء ومهندسين في المعتـقلات. إن إعتـقال عصام حشيش وإخوانه هو عار لمصر وإستدعاء لسخط الله وغضبه ، وكم كنت أتمنى أن أرى هاني هلال مشاركا لزملائه في كلية الهندسة والجامعة في وقفاتهم الإحتجاجية على ما جرى لزميله. لن أتحدث عن أحمد نظيف ، وهو زميل حشيش في نفس القسم ، فأنا لا أعرفه. وإنما أتحدث عن هلال الذي أعرفه وأتمنى أن يكون ولاؤه لزملائه وللقيم الإنسانية أقوى من أي ولاء آخر، وأن يكون مشروع القانون الذي هو بصدد إصداره معبرا عن مصالح زملائه وليس عن أهواء لجنة السياسات ، وأن تكون اللائحة الطلابية الجديدة معبرة عن مصالح الطلبة وليس عن أهواء ضباط جهاز البوليس السياسي المعروف بأمن الدولة . أما أن يجري تخريب القانون واللائحة تحت عنوان الإصلاح كما جرى للدستور ، فسيكون ذلك أكبر ظلم يوقعه هاني هلال بنفسه.
نحن الآن تحت الصفر في الجامعة وفي كل شئ ، حتى أصبحنا دولة لا قيمة لها إقليميا ودوليا إلا بقدر من نقدمه من خدمات لأميركا وإسرائيل. ولن نصعد إلى الصفر إلا بزوال حكم مبارك ووريثه وتحرير مصر من قبضة أدوات أميركا وإسرائيل وتحرير الجامعة من جهاز أمن الدولة والمجئ بقيادة شعبية منتخبة تشرف على وضع دستور نقي وإجراء إنتخابات نزيهة. عندئذ فقط يمكننا البناء من الصفر وإصلاح ما إرتكبته الأيادي الآثمة من تخريبات دستورية وتشريعية وأخلاقية.

Tuesday, June 5, 2007

هذه كانت كلمات الطلاب إليه أثناء مسيرة 14 فبراير 2007


يا عصام يا إنسان إحنا معاك ضد الطغيان
يا أستاذنا مش ناسينك حطوا صور بينا و بينك
يا أستاذنا سجنوا علمك وإحنا فداك و لا يهمك
يا طلاب شاركوا معانا صوتك ضد الظلم أمانة
يا حرية إنتى فين ظالم حر و علم سجين
اصرخ قول للظالم لأ لو هنموت علشان الحق
مية بوابة و مية سجان كدبة قالوها حقوق إنسان

Saturday, June 2, 2007

من قاعات المحاضرات إلى قاعات المحاكم العسكرية

انتاب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة شعور عميق بالصدمة إزاء تحويل اثنين من زملائهم الأساتذة، وهما الأستاذ الدكتور/ عصام حشيش الأستاذ بكلية الهندسة، والأستاذ الدكتور/ محمود أبو زيد الأستاذ بكلية الطب إلى القضاء العسكري للمحاكمة بتهم غامضة يصعب تصديقها مثل غسيل الأموال وتمويل أنشطة تدعو إلى العنف والإرهاب.

وقد احتج أساتذة جامعة القاهرة من قبل على مجرد اعتقالهما وحبسهما احتياطياً دون مبرر واضح، حيث دعا مجلسا القسمين اللذان ينتميان إليهما، قسم الجراحة بكلية الطب وقسم هندسة الاتصالات والإلكترونيات بكلية الهندسة، إلى وقفتين احتجاجيتين للتعبير عن رفض استمرار حبسهما احتياطياً، وذلك لانتفاء مبررات ذلك الحبس نظراً لما لهما من مكانة علمية وأدبية، ولضمان مثولهما أمام النيابة للتحقيق فيما نسب إليهما في أي وقت تشاء، وقد أبدى الأساتذة رغبة في عدم التدخل في سير التحقيقات احتراماً لأحكام القانون وسير إجراءات العدالة.
وبالفعل، فقد حكم القضاء المصري الشريف، بإخلاء سبيل أ.د/ محمود أبو زيد فوراً، ومن سراي المحكمة، لعدم وجود ما يبرر احتجازه أو استمرار التحقيق معه، وقد استبشر الجميع خيراً بهذا الحكم، حيث اطمأنوا إلى الضمانات التي يكفلها القانون للحفاظ على كرامة المواطن المصري وعدم التعدي على حريته، والتي طبقها القاضي المصري النزيه بشكل حاسم لا يرقى إليه الشك

إلا أنه بدلاً من أن يعود أ.د/ محمود أبو زيد إلى أسرته وإلى كليته وطلبته، صدر أمر باعتقاله إدارياً مع مجموعة من الزملاء من الجامعات الأخرى، ثم كانت الطامة الكبرى بتحويله، مع أ.د/ عصام حشيش وعدد من الزملاء الآخرين إلى القضاء العسكري دون سبب مفهوم، في وقت كنا نظن فيه أن زمن إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية قد ولى بغير رجعة، وأن الكلمة الفصل الأخيرة في براءة أو إدانة أي مواطن هي للقضاء الطبيعي.
وقد دأب الكثير من الزملاء منذ صدور قرار الإحالة إلى القضاء العسكري على مطالبة نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة إلى اتخاذ إجراءات كفيلة بحماية حقوق الزملاء والدفاع عنهم إزاء الظلم البين الذي يتعرضون إليه وخاصة أن الأحكام العسكرية تعتبر أحكاماً نهائية غير قابلة للطعن

وحيث أن النادي لا يملك غير الكلمة والاحتجاج بالطرق السلمية الشرعية، فإن مجلس إدارته قرر أن يقوم بما يلي:
1- مطالبة السلطات المعنية بالتراجع الفوري عن هذا القرار الظالم الذي ليس له سند قانوني إلا قانون الطوارئ الجاثم على صدورنا منذ عشرات السنين، حيث أن الرجوع للحق فضيلة كبيرة.

2- تنظيم وقفة احتجاجية بكلية الهندسة – جامعة القاهرة في تمام الساعة الحادية عشر والنصف من صباح الأربعاء 28 فبراير 2007 أمام مبنى الإدارة، ودعوة الزملاء من جميع الكليات للمشاركة فيها، استجابة لدعوة زملاء أ.د/ محمود أبو زيد وأ.د/ عصام حشيش، واحتجاجاً على تحويل المدنيين إلى محاكمات عسكرية مما يعيدنا إلى مصاف الدول المتخلفة حضارياً والتي لا تراعي فيها أبسط حقوق الإنسان بالمثول أمام قاضيه الطبيعي إذا اتهم بجرم ما.
3- توكيل بعض كبار المحامين لمتابعة قضايا الزميلين العزيزين حتى يتم الإفراج عنهما بمشيئة الله.

وسوف يتم في أثناء الوقفة جمع توقيعات الزملاء الراغبين في التعبير عن موقفهم الرافض لهذا الإجراء، ونشر موقفهم هذا على أوسع نطاق حتى يستجيب المسئولون برفع ذلك الظلم البين والرجوع إلى صوت العقل، خاصة وقد صدر قرار بالإفراج عن جميع طلاب جامعة الأزهر المحبوسين على ذمة القضية التي أثارت كل هذا اللغط، وهو ما نعتبره خطوة إيجابية على الطريق الصحيح للقضاء على مصادر احتقان داخلي لا داعي له، حتى تستطيع الأمة التفرغ لمواجهة ما يواجهها من تحديات مصيرية صفاً واحداً دون فرقة أو تشرذم.

مع تحيات مجلس الإدارة

Wednesday, May 23, 2007

Dr/Essam Hashish C.V

Dr.Essam Abdel Haleem Hashish

The Scientific Status:

  • Professor in the Electronics and Communication Department, Faculty of Engineering, Cairo University .
  • Head of Antennas and Wave Propagation Section in the Department.
  • Trustee of Electronics and Communication Department Council for more than 5 years.
  • Member of the Scientific Research Academy National Committee.
  • Head of the Micro-Waves Section, IEEE, (The International Electrical and Electronic Engineering Society.) Egypt .

Appreciation and Promotion:

  • Laureate of Cairo University Promotion Prize 2004.
  • Laureate of the Exemplary Professor Prize 2004, Faculty of Engineering, Cairo University , 2005.
  • Laureate of various appreciation certificates from the Faculty of Engineering, Cairo University , during his teaching career.

Scientific Activities:

  • Supervised over 40 Masters and PhD theses.
  • Published more than 50 research papers in international magazines and conferences.
  • Contributed in the arbitration of several Masters and PhD theses in Egypt and abroad.
  • Contributed in the equivalence of many Masters and PhD theses through the Supreme Council of Universities.
  • Carried out several engineering and research projects in the field of communication, satellite systems, bio-effects for radiation of electro-magnetic waves.

Public and Service Activities:

  • Participated in human rights field through opinion prisoners defence committees in Cairo University .
  • Member of the High Council of the Engineering Syndicate since 1995.
  • Previous member of the board of the Cairo University staff society.

List of Publications

  • Universities coordination Project No. FRCU842019May 1984- January 1988 titled "Electromagnetic Probing in Earth to Explore Metals and Underground Water".
  • Research project No. 49 (1997- 2002) through the National Academy of Science titled "Research in the Design of Communication Equipment with Emphasis on Satellite Systems, including Nile Sat”.
  • Research project on the Bio-Effects of Radiation of Mobile Phones.
  • Research project on the Design of Antennas for Satellites and Ground Stations for "Orbit" Satellites.

Thursday, May 10, 2007

رسالة من زوجة الدكتور عصام

عقد نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة مؤتمرا حاشدا تحت اسم أعضاء هيئات التدريس والحريات العامة.. لبحث أوضاع الحريات ومصير أساتذة الجامعة المعتقلين،
وبالبكاء بدأ الأستاذ الدكتور عادل عبد الجواد الأستاذ بكلية الهندسة ورئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة حديثة، وقال : وصلتني رسالة من زوجة الدكتور عصام وهي ما سوف ابدأ بها كلمتي


كانت هذه هي نص الرسالة .


أكتب هذه الرسالة في الوقت الذي يقبع فيه زوجي الدكتور عصام حشيش خلف القضبان داخل أسوار سجون طرة محروماً من أبنائه وأحفاده، ومبعدا عن طلابه الذين يزيد عددهم عن الألف طالب، رأوا فيه الأستاذ القدوة والمعلم المخلص ولم تخدعهم التهم الزائفة التي ألصقت به، كما لم تخدع زملاءه أعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة، بل وجامعة القاهرة، فكان استنكارهم لما لحق به وتكذيبهم لما نسب إليه وهو منه براء في وقفات تاريخية لهم عقب القبض عليه

.
• لقد نسبوا إلى زوجي تهمة الإرهاب ونسوا أنه حارب إرهاب الأمن وتجاوزاته داخل أسوار الحرم الجامعي.
• كما نسبوا إليه تهمة المشاركة في غسيل الأموال وهو الأستاذ العالم الذي قضى جل وقته في الأبحاث العلمية ولم يقم بإدارة أي شركة من الشركات قبل ذلك رغم أني لا أي عيباً في ذلك.
• وكانت الأحراز عبارة عن مذكرة "رؤية لتطوير التعليم" الصادرة عن وزير التعليم العالي بزعم أنها منشورات، بل وخلت صحائف اتهامهم من أي أدلة أو حتى قرائن تؤيد زعمهم.
• وعندما بدأت محكمة الجنايات في الإفراج عن المجموعات التي سبق القبض عليها بنفس التهم وعلى ذمة نفس القضية، صدر قرار فوري باعتقالهم مرة أخرى، ثم صدر قرار بالتحفظ علي أموالهم وأموال زوجاتهم وأبنائهم القصر.
• وكأنهم لم يكتفوا بذلك، فصدر قرار آخر بتحويلهم إلى القضاء العسكري وبذلك حرموا زوجي ومن معه من أن يحاكموا أمام قاضيهم الطبيعي، والأغرب من هذا أنه وزملائه ما يزالون محرومين حتى هذه اللحظة من الالتقاء بمحاميهم وذلك لرفض النيابة العسكرية إصدار تصاريح للمحامين بزيارتهم في محبسهم. إنني أبحث عن جرم ارتكبه زوجي الدكتور عصام حشيش الأستاذ بقسم الإلكترونيات أدى به إلى هذا الاضطهاد وأوقع به هذا الظلم، فلا أرى إلا نموذجا متميزا، وقف في وجه الباطل ودافع عن الحق وسعى إلى نهضة بلده، فكان جزاؤه من دولة لا تحترم العلم والعلماء أن تسلب حريته.


إن ثقتنا في الله كبيرة وإيماننا بالله راسخ كما أن حبنا لوطننا لن ينقطع مهما تعرضنا للظلم فلن تنثني لنا عزيمة بإذن الله.
كما أننا نعلم أن في هذا الوطن الكثير من الشرفاء لا يرضيهم ما يحدث لنا ولكل شرفاء هذا الوطن.وحسبنا الله ونعم الوكيل


زوجة الدكتور عصام حشيش

Tuesday, May 8, 2007

الله أكبر و لله الحمد


مجلس الدولة يوقف قرار رئيس الجمهورية بإحالة الإخوان إلى المحاكمات العسكرية


قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة اليوم الثلاثاء 8/5/2007م برئاسة المستشار محمد الحسيني بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية- بوصفه الحاكم العسكري- بإحالة 33 من معتقلي الإخوان المسلمين إلى المحاكمة العسكرية، وذلك للمرة الأولى التي يَصدُر فيها حكمٌ بالطعن على قرار رئيس الجمهورية.

وأكد محامي الإخوان عبد المنعم عبد المقصود لـ(إخوان أون لاين) فور صدور قرار المحكمة أن الحكم يعدُّ انتصارًا للقضاء المصري الشامخ، مضيفًا أن الحكم واجبُ النفاذ، وهو يؤكد أحقية المدنيين في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي وأمام المحاكم المدنية.

Saturday, May 5, 2007

"مع الهدهد" شعر للدكتور عصام حشيش من خلف الأسوار




تخرج المحن دومًا طاقات وإبداعات خاصة.. فكم شهدت السجون ميلاد شعراء وكُتَّاب وأدباء.. ومن ينسى جمال فوزي شاعر الدعوة.. ومَن ينسى سعد سرور كامل في إبداعاته في "خواطر مسجون"، واليوم ينضم الإصلاحي المصري أستاذ الهندسة العملاق الأستاذ الدكتور عصام حشيش إلى هذه الكوكبة.. وإلى قصيدته (مع الهدهد).



بعد عودتنا من المحكمة يوم الأربعاء 28/2/2007م وبعد صلاتنا في مسجد سجن مزرعة طره وجدنا "هدهد" حبيسًا داخل المسجد وحائرًا في كيفية الخروج فما زلنا به نساعده حتى فكَّ الله أسره وطار بعيدًا فقلت:

رأيتُه محلقًا هائمًا على وجهه حزين

مُرفرفاً طائرًا ذات يسارٍ ويمين

يجوبُ أرجاءَ المكانِ وهو متصبب الجبين

متلفتًا مستنجدًا بلسان حال مكروبٍ حزين

فقلت له مهلاً يا صاحبَ النبأِ اليقين

أو ما ترى أني وأنك هاهنا سجين

غير أنك في محبسٍ لستَ فيه هنا رهين

وسوف تمضي بلا عناءٍ طائرًا في الأفق المبين

فأنتَ يا صاحبي لستَ مطلوبًا كأخوانٍ مسلمين

ولا يــراك المستـبد حامـلاً دعوةَ الخالدين

وما رُصدت تجوب مصر مبـشرًا بالمصلحين

ولا تلَبستَ تدعو لمنهجٍ وإصـلاح دنيا بدين

ولا امتلكت لشركة قدوة نجحت على مرِّ السنين

ولست أسـتاذًا جامـعيًّا عطاؤك الخلق المتين

فقد استبدَّ النظام بنا سائرًا في دروب المجرمين

أخوفًا على سلطانٍ؟ أم هي صفقة؟ أم أنه الحقد الدفين

قال: اصمتوا أو اخرجوا أو تقعدوا في تلك السجون

فقلنا نموت ولا قعودَ عن دعوةٍ أو منهجٍ للمؤمنين

أما هو فبظلمه سوف يهوى في عذاب الخلد المهين

أمــا رأى أنَّ الإلـه تـوعَّد ليهـلكنَّ الظالــمين

فاصـبر وراقـب نصرةً لجنود وعبادة المستضعفين

وانـظر دعـانا صاعدًا مستجابًا حتى ولو بعد حين

Friday, May 4, 2007

زوجة د. عصام حشيش تروي كيف زارهم أمن الدولة فجرًا


أجرَت الحوار- روضة عبد الحميد

لم تكن هي المرة الأولى التي أدخل فيها بيت الدكتور عصام حشيش؛ حيث ربطتني ببناته صداقةٌ وزمالةٌ منذ زمن طويل، إلا أنها كانت المرة الأولى التي أدخل فيها بيتهم في ظل غمامة حزن، مثل تلك التي شاهدتُها وأنا أُجري هذه المقابلة.



وفي الطريق وقعَ في خلَدي العديد من سيناريوهات هذا اللقاء.. كيف سيكون الحوار؟! خصوصًا أن زيارتي جاءت عقب الاعتقال مباشرةً، فضلاً عن أنها المرة الأولى التي تخرج فيها زوجة الدكتور عصام عن صَمْتِها ومقاطعتها للصحافة؛ مما زاد من إحراجي وصعوبة الأمر وتعقيده عليّ.





ولكن في جميع الأحوال كنت واثقة بأنني سأرى زوجةً صابرةً، ولكنها بالطبع متألمة، إلا أنني دُهِشتُ عند لقائي بها؛ حيث زرعت ابتسامة ترحاب واسعةً تُقابل بها ضيوفَها الذين لم يخلُ البيت منهم منذ اعتقال الدكتور عصام، ورغم فشل تلك الابتسامة في إخفاء معاني الحزن الماثل في العينين.. إلا أن الحوار معها كان بعيدًا كلَّ البعد عن كون ذلك محنةً، بل إنها أخذت تُعدد مِنَح الله، وكان معظم كلامها مغلفًا بابتسامة، رغم كونها خارجةً من قلب حزين، لكنه صابر وراضٍ، ولم تختلف تلك الابتسامة أبدًا عن نفس ابتسامة بناتها اللاتي التقيت بهنَّ أيضًا في بيتهن؛ حيث كانت هناك لوحة ما زالت بنفس المكان منذ زمنٍ طويل كما اعتدتها.. ثابتة كما كانت، كثبات أهل ذاك البيت، وكانت تحمل حديثًا شريفًا يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وعندما طلبت من الدكتورة سميرة محمد أحمد أن تخبرنا بما لا نعرفه عن زوجها الدكتور عصام حشيش، قالت إنه باختصار إنسانٌ لا يحمل أيَّ ضغينة لأحد، ويختلق الأعذار للناس مهما تسبَّبوا له في أذى، بل ويدعو الله لمن آذاه، وهذا هو حاله الذي عَهِدته عليه منذ تزوجنا.



وأخَذَت تعرِّفنا بزوجها أكثر، فقالت إنه أستاذ بكلية الهندسة، ويبلع من العمر 57 سنة، وهو ربُّ أسرة مكوَّنة من 7 أولاد و7 أحفاد، من مواليد قرية بالغربية، وكان والده إمام مسجد، واحتلَّ في الثانوية العامة مركز رقم 12 مكررًا على مستوى الجمهورية، واختار دراسة الهندسة عن رغبة، ونال العديد من شهادات التفوق خلال مراحله العمرية، أتم حفظ القرآن في المعتقل سنة 1981م، في أول اعتقال له بعد مقتل السادات، واستمر اعتقاله مدة 13 شهرًا، ثم اعتُقل ثانيةً في عام 1995 في قضية حزب الوسط حوالى 4 أشهر وحُكِم له بالبراءة.



وأولاده هم: خديجة (30 سنة) مدرس مساعد- مستقيل- بطب القصر العيني ولها ثلاثة أولاد، وفاطمة (خرِّيجة كلية التجارة 28 سنة، متزوجة)، وعبد الله خرِّيج كلية الهندسة 27 سنة (متزوج)، وعائشة 26 سنة خرِّيجة كلية الفنون التطبيقية (متزوجة)، ومحمد 25 سنة خرِّيج حاسب آلي، وزينب 22 سنة خرِّيجة تجارة إنجليزي، وهاجر بالفرقة الأولى كلية تجارة إنجليزي 18 سنة.


أعضاء هيئة التدريس يطالبون بإطلاق سراح د. حشيش


وقبل أن أسألها عما حدث بعد منتصف ليل يوم الأحد 14/1/2007م بادرتني بقولها: تخيلي أن رجلاً بهذه المكانة يتم اعتقاله، ثم رَوت مع حدث في هذا اليوم، فقالت إن زوجها جاء البيت في هذا اليوم متأخرًا، وجلسنا نتابع برنامج (العاشرة مساءً) الذى كان يتحدث عن إعداد الإخوان لحزب، وكان المرة الأولى التي أسمع كلامًا مؤكَّدًا عن هذا الأمر، فسألتُه، فقال لي ليس حزبًا وإنما برنامج حزب، وأثنَى على ضياء رشوان، ثم دخلنا بعد البرنامج لننام.. كذلك هاجر ابنتي الصغرى نامت؛ لأنها كانت عائدةً من امتحان، وبقيت بالبيت زينب التي كانت تصلي في غرفة مجاورة لباب الشقة، ومحمد الذي جلس على الكمبيوتر بغرفته.



وهنا أخذت زينب طرف الحديث وروت ما حدث، فقالت: نحن نسكن وحدَنا بالطابق، فالشقة المقابلة خالية، وأثناء صلاتي سمعت المصعد يقف بطابقنا فتعجَّبت وتساءلت في نفسي: مَن سيأتي لنا في الساعة الثانية صباحًا، ولكن المصعد وقف ولم يطرق بابَنا، ثم وجدتُّه يصعد ويقف ثانيةً فبدأت أشكُّ أنه شيء غيرُ طبيعي، ثم كانت الثالثة حتى تأكَّدت أنه غالبًا أمن الدولة، فكنت في التشهد الأخير حين بدأوا يطرقون الباب والجرس، فأنهيت الصلاة، وناديت أخي، وطبعًا كنا تأخرنا، فلم يكن أمامنا إلا أن نفتح الباب وإلا كانوا كسروه، ولم يكن ممكنًا أن نستمهلهم حتى نوقظ أبي، ففتحنا الباب وذهبت لإيقاظ أمي وأبي الذي استيقظ سريعًا، وسألَنا: ما الأمر؟ فحاولنا أن نقول له بشكل هادئ، ولكنه أدرك من ملامح وجوهنا، فابتسم، وحاول أن يُطمئِننا، وقال لنا: "عادى".. ثم حاولت أن أوقظ أمي بشكل لا يفزعها، فقلت لها: "أصحاب أبي هنا"، وهو الاسم الذي اعتدنا أن نطلقه عليهم، إلا أنها لم تستوعب، فاضطُّرِرت أن أقول لها انهضي لترتدي حجابك فَفَهِمَت.



وتضيف الدكتورة سميرة: لم أرِد أن أُقلق أحدًا باكرًا، واتصلت بـ"عبد الله" ابني عند العاشرة صباحًا حتى يذهب للمحامي، ثم أخبرْنا أزواج بناتنا ليخبروا زوجاتهم، ولكن خديجة- التي استيقظت على صوت الهاتف الذي أخبرنا فيه زوجها- كانت ترى رؤيةً في تلك اللحظة بأن أباها يتعرَّض للاعتقال، وقد أخبر أحد الأبناء الأحفاد أن الأشرار أخذوا جدَّهم، فقال حفيد (عمره أربع سنوات): لماذا يأخذون جدنا؟! هل أخذنا جدَّهم حتى يأخذوا منا جدَّنا؟!



البحث عن الخزنة

وتعود د. سميرة لتروي ما حدث بعد أن اقتحموا الشقة، فتضيف أنهم انتشروا في كل أركان الشقة، وفتشوا كل شيء وبدأوا بالمكتبة التي حولوا فيها الكتب إلى كومة على الأرض، وفتشوا السحَّارات، بل ودولاب كل أفراد الأسرة، وأثناء تفتيشهم غرفتي سألني أحد الضباط: أين مفتاح الخزنة؟! فسألته متعجبة: أي خزنة؟! فقال لي الخزنة الموجودة عندكم!! فضحكت وقلت له: لماذا؟! هل نحن مليونيرات حتى تكون لدينا خزنة؟! فقال لي: لا تخافي.. نحن إن أخذنا شيئًا فسوف نرجعه.. حتى الإخوان حين نأخذ من عندهم أي شيء نكتبه، فلا تخافي على الأموال، فقلت له: أنت جئت لتأخذ ربّ البيت.. هل سأهتمُّ بأموال أو أي شيء؟! هل سأخشى على أي شيء آخر؟!



وفهمت بعد ذلك هدفهم عندما عرفت ما حدث بفيلا الدكتور عبد الرحمن سعودي؛ حيث استولوا على الأموال والذهب منها، فعرفت أن هدفهم من هذه الزيارة كان البحث عن أموال لا عن أوراق تنظيمية؛ ولذا لم تستغرق مدة تواجدهم بفيلا سعودي وقتًا طويلاً، بينما أمضَوا عندنا ما يزيد على أربع ساعات، وطبعًا استولوا على ثلاثة "هاردات" للكمبيوتر، ولم يطلب منهم الدكتور أن يتركوا شيئًا إلا "هارد" واحد كان عليه أجوبة امتحان للطلبة، فقال لهم: خذوا نسخة من الهارد كله، فرفضوا فقال لهم: مستقبل الطلبة وعليه أبحاثهم وأبحاث له، بل وأبحاث تخصُّ هاجر ابنتنا لكليتها، إلا أنهم أقسموا باليمين أنهم سيرجعون كل شيء.. رفضوا تمامًا تركه حتى بعد نسخة، وكان ما أوصى به ابنه حين زاره أول زيارة أن يطلب من أعضاء هيئة التدريس تصعيد الأمر، والمطالبة بردِّ هذا "الهارد" لما به من أبحاث هندسية مهمة.


أساتذة جامعة القاهرة ينددون باعتقال د. حشيش




وتؤكد د. سميرة أن الدكتور كان حريصًا على الطلبة، فما يخصهم كان الشيء الوحيد الذي طلب تركه، حتى إنه أخرج ملفًّا به درجاتُ الطلبة، وكتب رسالةً لعميد الكلية وأعطاه لابنه ليسلمه للعميد، وقد كان يحرص على عمل استبيان للطلبة آخر الفصل الدراسي ليقيِّم مدى استفادتهم، والاستبيان يدل على مدى استفادة الطلبة منه.



وتضيف د. سميرة: وكذلك وجدوا حيثيات حكم حزب الوسط فأخذوها!! ثم طلبوا منا "موبايل" الدكتور، وطلبوا مفتاح السيارة، ورفضوا أن نُخرج مفتاح الشقة من الميدالية، فصمَّموا على أخذهما، قاسمين أيمانًا مغلَّظة على أنهم سيعيدونهما، ونزلوا إلى السيارة واستمرت عملية التفتيش تلك نصفَ ساعة!! ولم يُرجعوا مفتاح الشقة كما توقَّعنا؛ مما اضطَّرنا لتغيير "الكالون".



ثم سألونا عن المكتب الذي كان للدكتور فيه شريكان ليفتِّشوه، ولكن الدكتور أكَّد لهم أن شريكَيْه ليسوا إخوانًا فتركوه، وقد اكتشفنا بعد رحيلهم أن سلك الهاتف قد قُطع ولكنهم لم يفهموا، فقد كان لعدة قديمة ومعطلة، وفى ظني أنهم خافوا أن نتصل بالناس في الشركة ننبههم أو نستغيثَ منهم؛ ولا يدرون أنه لا مغيث إلا الله!!



وقال أحدهم للدكتور- عندما لم يجدوا أي أوراق كما كانوا يهدفون-: أنت يا دكتور أصدرت أمرًا بتنظيف الشقة جيدًا، فنفى الدكتور ذلك، فقالوا: له لا بل الشقة تبدو منظَّفة من أي أوراق، ثم قال أحدهم للدكتور: بصراحة يا دكتور.. لا يوجد أمل، وأنتم في وادٍ والناس في وادٍ، ثم إن عليكم أخطاءَ، فأجبته أنا وقلت له: نعم علينا ونحن بَشَر، وقال له الدكتور: الناس ستتغيَّر.



النائم والشيكولاتة

بعد تفتيشهم للشقة ماذا فعلوا؟! كان عددهم حوالي 7، وجلسوا بالصالة، وكانوا بزيٍّ مدنيٍّ كعادتهم، وكان منهم رجل أشيَب، أظنه رئيسهم، وطلب منا الدكتور أن نقدِّم لهم شيئًا، فهم ضيوفنا.. فقدمنا لهم شيكولاتة- ثم ابتسمت وقالت-: كان هذا الرجل الذي يبدو أنه رئيسهم شبه نائم على الكرسي ثم يستيقظ ليأكل الشيكولاتة وينام وهكذا عدة مرات.. المهم وقتها قام اثنان منهم بالاتصال بالموبايل برؤسائهم ليخبروهم بما وجدوا.. أحدهم دخل المطبخ حتى لا نسمعه، والثاني جلس أمامنا.. الأول أخبر من يكلمه ماذا وجدوا، وكانت دراسات تخص التعليم وإصلاحه، وهي محاضرات بنادي أعضاء هيئة التدريس وهي معلَنة وقد حصل على نسخة من المحاضرة بالنادي، ثم أخذ يجيب الطرف الآخر مكررًا كلمة nothing؛ مما يعني أنهم لم يجدوا شيئًا ويبدو أن رئيسهما عنَّفوهما، فقاموا بتفتيش الشقة مرةً ثانيةً وأمضَوا بالبيت 4 ساعات كاملة، صلينا الفجر جميعًا خلالها، ولم يتحرك أحدٌ منهم للصلاة.



وماذا أخذوا في المرة الثانية وفيمَ أمضوا الأربع ساعات تلك؟! في المرة الثانية أعادوا تفتيش البيت ثانيةً في محاولة للبحث عن أي شيء، وقد وجد الضابط كيسًا به أوراق مَحَاضر نقابة المهندسين قبل الحراسة، وكان الدكتور محتفظًا بها للذكرى، وكثيرًا ما طلبت منه أن نتخلص منهم؛ لأنها تسبِّب لي زحامًا، ووجد ضابط الأمن تلك الأوراق "عديمة القيمة سياسيًّا"، فقلت له ليتك تأخذها وتريحنا منها؛ لأن الدكتور يرفض أن نتخلص منها، فأخذها ولكن لم يجدوا شيئًا آخر يذكر.



كيف أثَّر عليكم الاستفزاز في التفتيش واقتحام البيوت؟! فعلاً كانت تلك طريقة تعاملهم طوال الوقت؛ حيث لاحظنا أنهم يفتشون بشكل همجي ليثيروا أعصابنا، ربما لنمثِّل ضغطًا على أزواجنا فيما بعد ليبتعدوا عن العمل بالدعوة، ولكن زوجي على هذا الحال منذ أكثر من 25 سنة، بل لو لم يكن على هذا الطريق لكنت حزنت، وأتمنى لأولادي وأحفادي أن يبقوا مثله، ولكني أشعر بخوف حقيقي ولكنه خوف على البلد التي يسجن فيها كل المخلصين وكل الشرفاء.



ليسوا أعداءنا

بعض الزوجات تقوم بالدعوة على من يأتون ليعتقلوا أزواجهم، فهل فعلت نفس الأمر؟! لم ندعُ عليهم، فهم ليسوا أعداءنا، فنحن نحرص على أن تكون تصرفاتنا هي أخلاقنا، وليس أخلاقهم، بل نحرص على أن تكون تلك اللحظات دعوةً بأخلاقنا ومعاملتنا، وكانت نيتي وأنا أناقشهم ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذاريات: 55)، فقد اهتممت أثناء توديعه أن أقبِّل يده أمامهم رغم شدة حيائي إلا أنني أردت أن أقول لهم: انظروا كيف نعامل أزواجنا، وكذلك قبَّل الأولاد يد أبيهم من تلقاء أنفسهم، وهي رسالة أخرى لا تقل أهميةً عن الأولى.



وأثناء تفتيشهم قلت لهم: لماذا تأتون بتلك الطريقة وفي ذلك الوقت؟! أنتم لستم أعداءنا ونحن لسنا أعداءكم، هو أمر مفروض من الخارج علينا جميعًا، فقال للدكتور حين تصبح وزيرًا الداخلية غدًا ستعرف لماذا نفعل هذا؟! فقال له الدكتور: أنا لا أحب أن أكون وزيرًا للداخلية أو غيرها، وأنا قلت له باستياء: "بعد الشر"، فقال لنا بسخرية: ألا يريد الإخوان الحكم؟! فقال له الدكتور بهدوء: حتى لو الإخوان أخذوا الحكم أنا لا أحب أن أكون وزيرًا، ونحن نكتفي بأن نقول حسبي الله ونعم الوكيل وربنا يهديهم.



المنح أكثر من المحن

هل ترين الأمر منحةً أو محنة؟! صدقًا هو منحة، فشعوري الآن هو الرضا والشكر والامتنان والرضا لله سبحان الله، ورغم قلقي وحزني على غياب زوجى إلا أن قلبي به سَكينة من الله أشعر بها جليًّا، ولو عدَّدنا كيف كانت- رحمه الله- تحوط بنا فقد كان من الممكن ان يدخلوا غرفتي قبل أن أرتدي حجابي دون أن يردعهم رادع، ولكن رغم انتشارهم بالشقة إلا أنه وكأن الله حجبهم عن غرفتي وغرفة ابنتي هاجر التي كانت نائمة، حتى ارتدينا حجابنا.



أيضًا- وبفضل الله- كانت هاجر قد أتمت أول امتحان لها في صباح ذلك اليوم، ومن رحمة الله أنهم لم يأتوا اليوم السابق وإلا ما كانت استطاعت الحل أبدًا، كما أن الأبناء كبار وقادرون على تفهُّم الموقف، وهو فضلٌ من الله..



أيضًا يجب أن نرى حال أهل فلسطين، فمن يقومون باعتقالهم يهود، وما أسهل القتل عندهم، فلنحمد الله أن أمن الدولة مهما كانوا هم يدينون بالإسلام، ولعل تلك السجون قد ضجَّت من احتوائها على العصاة، فأذن لها الله أن يُذكر فيها اسمه، ولعل الله يريد أن يرفع درجاتنا، ولعل- وهو في محنة- يدعو لنا، ولعلها فرصة لراحته الصحية، ونحن نغبطه على كمِّ الحسنات التي يأخذها، وهو يرسل لنا دائمًا أنه في كنف الله، نحن على طريق الأنبياء والرسل، ولسنا أفضل من الرسل.. ثم ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت) ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (الملك).



ونحن ندعو دائمًا: "وأفوض أمري إلى الله.. إن الله بصير بالعباد"، ومن أهم المثبتات أن نكون في جماعة؛ فيكفي شعورنا أن كل الأخوات يؤلمهنَّ ألمي، وأنهن صادقات في إحساسهن، وليس لهن مصلحة إلا لله، فهو إحساسٌ لو علمه الأمن لسألونا ليس عن الخزنة وإنما عن الطريق لهذا الإحساس!!

Thursday, May 3, 2007

زوجة د. عصام حشيش تكتب: عندما جاء زوَّار الفجر وقت العِشاء

بقلم: د. سميرة محمد أحمد

حينما أخذوا زوجي الدكتور عصام حشيش قال "أستودعكم الله" فقلنا له "نستودعك الله" أيضًا، وهكذا أصبحنا في كنف الله جميعًا ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ (الزمر: من الآية 36).



كنتُ أردِّد هذه الآية للأولاد حينما توعَّدَنا أحدُهم بالرجوع مرةً أخرى بعد اقتياد زوجي معهم وإصرارهم على أخذ مفتاح الشقة وتهديد زوجي بأنه سوف يعود مرةً أخرى.



لكن لم يخطر ببالي أنه سوف يُنفذ هذا التهديد؛ كنتُ رغم ما حدث من اعتقالٍ ظالمٍ لزوجي وأمرٍ مجحفٍ بعدم التصرف في أموالنا التي ما جمعناها إلا من كدٍّ ومن تعب؛ فلم نتاجر في الفياجرا ولم نتاجر في المخدرات ولم نتاجر في أرواح البشر ولم نتاجر بصحةِ الناس؛ كنت رغم كل هذا أظن أنه ربما توجد خطوط حمراء لكرامة الإنسان؛ ولكني صدمتُ لما حدث معي يوم الإثنين 13/3/2007م، الساعة التاسعة مساءً فقد كان يفوق كل ما حدث لنا من قبل من إرهاب.



حينما طرقوا عليَّ الباب وأنا بمفردي في الشقة زاعمين أني أخبِّئُ أحدًا عندي بالمنزل ذكرتُ لهم أني بمفردي في الشقة وليس معي أحدٌ من أولادي، ولا أستطيع أن أفتح لهم الباب إلا في وجود أحد من أولادي، وطلبت منهم أن يمهلوني للاتصال بأحد أبنائي ليحضرَ، ولكنهم رغم ذلك استمروا في الطرق على باب المنزل بعنفٍ شديدٍ وتهديدي بكسْر باب الشقة، حتى حينما قلتُ لهم إني سوف أرسل للصحافة لترى ما تفعلونه بالنساء بعد أخْذ أزواجهن قالوا: "إنتِ عارفة إن إحنا مش بيفرق معانا صحافة".



وحينما طلبتُ منهم إذن التفتيش قالوا: "إحنا مش بتوع أذون، وإنتِ تعلمي هذا فدائمًا نأتي دون إذن".. بالطبع ودون خوفٍ من المساءلة من أحدٍ لأنَّ هذه أشياء ليست في قاموسهم.



كلما أتذكر محاصرتهم لي وأنا امرأةٌ مسنةٌ (أبلغ من العمر 55 عامًا) في بيتي وتهديدهم لي بكسر باب منزلي أشعر بأنني في ذلك اليوم لم أكن في بلدي التي أُحبها وما زلتُ أحبها وسوف أظل أحبها مهما فعلوا بنا، بل شعرتُ لحظتها أنني في العراق وأنَّ المحاصرين لي هم أمريكان يقتحمون بيتًا أعزلَ كما نرى في نشرات الأخبار أو حتى في فلسطين حينما تحاصر البيوت بجنود الاحتلال.



إحساس فظيع أن تشعر بعدم الأمان في بلدك وفي بيتك، مرَّ بي سريعًا، ثم تلته رحمات الله وسكينته عليَّ وتذكرتُ كلمات زوجي "أستودعكم الله" فاستشعرت معية الله معي.



كنتُ أعلم معية الله علم اليقين فأصبحتُ أراها عين اليقين تبدَّل خوفي أمنًا واضطرابي ثباتًا وأحسستُ بالاطمئنان لحفظ الله لي، وبعد أن كنت أخشى من فتح الباب وبعد نصف ساعة من الترويع لي من الخارج وإصراري على عدم فتح باب المنزل إلا بوجود أبنائي وإظهار إذن التفتيش الذي لم يكن معهم ولم يظهروه لي اضطررتُ أخيرًا أن أفتح باب المنزل وحفظني الله.

ولكن تساؤلات كثيرة تتوارد على خاطري:

- لماذا كل هذا العداء لنا ونحن لا نحمل لهم عداءً؟؟

- أين حقوق المواطنة التي تغيَّرت من أجلها مواد عديدة في الدستور؟؟

- أين المجلس القومي للمرأة الذي يدعي أنه ينادي بحقوق المرأة المهدرة؟؟

- ألم تُهدر حقوقي حينما أخذوا زوجي دون جريرةٍ أو ذنبٍ سوى أنه يريد الخيرَ لبلدِهِ؟؟

- ألم تُهدر حقوقي حينما اقتحموا بيتي وفتشوا في كل شيء حتى حجرة نومي فلم يعد لي خصوصية؟؟

- ألم تُهدر حقوقي من قبل حينما صدر حكمٌ بعدم التصرف في أموالي دون إعطاء أي فرصة لي أو للمحامي للدفاع عن حقي؟

- ألم تهدر حقوقي وحقوق أولادي حينما ارتفع ضغطي بعد هذه الواقعة وأثَّر صحيًّا عليَّ وعلى أولادي حتى اضطررتُ أن أُعطي أحدهم مهدئًا!!.

- أين منظمات حقوق المرأة مما فعل فيَّ من تهديدٍ باقتحام المنزل دون حتى أن ينتظروا أن يحضر بعض أبنائي ليقف معي؟



أخيرًا لقد شعرتُ هذه المرة بأنهم يقصدوننا نحن الزوجات والأبناء بهذه التصرفات للضغط علينا والتضييق حتى نكون أداةً للضغط على أزواجنا، ولكني أقولها.. فوالله الذي لا إله غيره لن يفلحوا في هذا، فمن خالط النقاء والطهر وعاشره لا يرضى به بديلاً ولا يمكن يومًا أن يكون سوطًا للجلاد عليهم.



وهذه التصرفات لن تزيدنا- بإذن الله- إلا اعتصامًا بالله وتمسكًا بدعوتنا، ولن يضيعنا الله لأننا ننشد الخير لأمتنا وأهلينا.. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ﴾ (الرعد: من الآية 17).

Tuesday, April 17, 2007

وقفة للأساتذة بجامعة القاهرة للتنديد باعتقال د. عصام حشيش




كتب: حسام محمود

نظَّم عدد كبير من الأساتذة بجامعة القاهرة أمس الإثنين 22/1/2007م وقفةً للتنديد باعتقال الدكتور عصام حشيش (الأستاذ بكلية الهندسة) شارك فيها مئاتُ الأساتذة والمعيدين بالجامعة، يتقدمهم أساتذة كلية الهندسة وعدد من أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة وأعضاء حركة 9 مارس.



وقف الأساتذة أمام بوابة كلية الهندسة، وقام الأمن بمنع دخول الصحفيين والقنوات الفضائية، وشهدت الوقفة لدقائق مشاركة الدكتور سمير شاهين عميد كلية الهندسة.

وقد أكد الدكتور أمين نصار والدكتور سراج حبيب- الأستاذان بكلية الهندسة- أن الدكتور عصام شخصية محبوبة في الكلية كلها، من عميد الكلية إلى عمال الكلية، وتساءلوا: لماذا يعامَل الإنسان المصري بهذا الشكل وبهذه الطريقة؟!

وفي سخريةٍ طالب الدكتور سراج حبيب بمعاملة الأساتذة كالمجرمين؛ لأنهم يلقَون معاملةً أفضل من العلماء بالسجون.
ومن المواقف المؤثرة التي قالها الدكتور نصر رضوان- سكرتير نادي أعضاء هيئة التدريس ومقرّر الوقفة- أن يوم اعتقال الدكتور عصام حشيش قام فيه الأمن بتكسير أثاث شقته وتفتيش متعلقاته الشخصية حتى السيارة.

كما طلب الدكتور عصام أن يضع امتحان نصف العام للطلاب الذين يدرِّس لهم، وقال إنه يخشى على طلابه أن يُظلَموا وهم بلا ذنب.

وأكد الدكتور محمد أبو الغار (عضو جماعة 9 مارس) أن الوقفة أكاديمية، وهي حق دستوري، وتلا بيانًا بعنوان "الحبس الاحتياطي لأساتذة الجامعة وسيلة ترهيب واعتداء على مكانة الجامعة" وهو البيان الذي وقَّع عليه الأساتذة، وهو يندِّد بحبس أعضاء هيئة التدريس احتياطيًّا مع أنهم شخصياتٌ عامةٌ، ولو طُلب منهم الحضور للتحقيق سيذهبون.

وأعقبت قراءة البيان كلمة للدكتور مصطفى نور الدين، والذي تحدث فيها عن التضييق الأمني على المواطنين، واختتم كلمته بدعاء، قائلاً: "ونفوِّض أمرَنا إلى الله، إن الله بصير بالعباد".

وأبدى الدكتور مدحت عاصم- الأستاذ بطب القاهرة- أسفه على أن هذه الوقفة تأتي بعد أسبوع واحد من وقفة مماثلة في كلية الطب للدكتور محمد أبو زيد، المعتقَل أيضًا، وطالب بدولة مدنية لا دولة بوليسية، ودلَّل على كلامه بأنه وجد صعوبةً للدخول إلى كلية الهندسة، وتساءل: كيف يتم منع أستاذ من الدخول إلى الحرم الجامعي؟!

وتوالت بعد ذلك كلمات عدد من أعضاء هيئة التدريس، منهم الدكتور عادل سعيد الأستاذ بكلية العلوم، والدكتور هاني الحسيني، والدكتور عبد الجليل مصطفى الأستاذ بكلية الطب، الذين ربطوا بين الأحداث في المجتمع المصري وسيطرة السلطة والأمن على كل الأمور حتى بالجامعات.

وانتهت الوقفة بكلمة للدكتور عادل عبد الجواد، الذي انتقد ما يحدث لأساتذة بالجامعات والاعتقال شبه الدوري لهم من العام الماضي، مع اعتقال الدكتور عمرو دراج- الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة- وتبعه عدد آخر، "إلى أن وصلنا بعد عام إلى اعتقالات جديدة لأعضاء من نفس الكلية ومن نفس الجامعة".

وأعرب الدكتور عادل عن أسفه على القرارات الأخيرة بتفتيش أعضاء هيئة التدريس على البوابات، وقال إن ذلك يحدث للأساتذة بالأخص بهدف تكسير عظامهم؛ لكونهم أكثرَ فئةٍ تحتكّ بالطلاب والشباب، وقال: إن ما يحدث دعوةٌ إلى الانحلال؛ لأن مَن يُعتقَل هم المشهود لهم بالأمانة وقيادات الأمة في العلم والمعرفة.

انتهت الوقفة بترديد الأساتذة: "حسبنا الله ونعم الوكيل"!!

من تلميذ إلى أستاذه: كيف أحرزت كل هذا الحب يا د. عصام حشيش؟




بقلم: م. أحمد رشدي

طالعتنا مواقع الإنترنت ورسائل الهاتف المحمول في غربتنا عن وطننا الغالي بخبر اعتقال طائفةٍ من أساطين الإفساد الراغبين في قلب نظام الحكم المستتب وعكننة مزاج الأمن الرائق والتشويش على أبناء الشعب المساكين بحشو أدمغتهم النظيفة بكراهيةِ الحاكم ذي الرشد والعدالة.



يتوقع القارئ حين تنساب تلك الأوصاف متتابعة أن يقرأ أسماء طغمة من عتاةِ الإجرام أو قُطَّاع الطرق أو السفاحين ومصاصي الدماء أو سارقي قوت البلد، أو مَن يقتلون أبناء الشعب في السفن أو القطارات ويغادرون الديار في سلامٍ أو مَن يغمرون أرض الكنانة بالسموم والمواد المسرطنة أو أكياس الدم الملوثة، ربما يكونون ممَّن ما فتئوا يستهزئونَ بشرع الله وحكمهِ الذي ارتضاه يوم أكمل لنا الدين، فإما يسخرون من مقاصد التشريع أو يحلون الحرام ويحرمون الحلال، أقصى ما قد يقفز إليه خيال خصب هو أن يكون هؤلاء ممن أساؤوا استعمال سلطاتهم في قمعِ مظلومٍ أو قهر طاهر أو إرغام بريء على الاعتراف.



لكن للأسف ما وجدتُ من ذلك شيئًا، كل ما تقدم ما أزعج النظام الحاكم إطلاقًا وما أقلق رجاله البواسل، الأسود الأشاوس حماة الوطن، فما رأوا فيه بأسًا ولا إشكالاً، وإنما أسال مدامعهم وأقضَّ مضاجعهم نخبة من أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين ورجال أعمال ناجحين، لوطنهم نافعين وعن حياضِ دينهم منافحين، منهم مَن لم أعرف فما ضره جهلي به شيئًا وما نقص من قناعتي بطهارةِ يده وعدالة قضيته قيد أنملة، ومنهم من عرفت وخبرت فما زادني خبر اعتقالهم إلا تيقنًا من جهالة وبطش القائم بغزوة الاعتقال المجيدة، من هؤلاء الذين عايشت وخبرت كان الكريم المعطاء الدكتور عصام حشيش.



إن نسيت فلا أنسى سنتي الدراسية الأخيرة بكليةِ الهندسةِ بجامعة القاهرة العريقة، حيث جرت عادة طلاب السنة الرابعة أن يتم الاستفتاء على أفضل الأساتذةِ والمعيدين كنوعٍ من التكريم لهم والعرفان بفيضِ عطائهم، ولم يكن مستغربًا إطلاقًا أن يحظى أستاذنا الفاضل الدكتور عصام حشيش- فكَ الله أسره- باختيار غالبية الطلاب كأفضل أساتذة قسم الإلكترونيات والاتصالات الكهربية علمًا ودماثة خلقٍ ونفعًا لأبنائهِ الطلاب، وهو مركز شرفي تنتخبه القاعدة وهم هنا الطلاب ولا يعينه الحاكم وهو هنا العميد أو رئيس القسم، من عجيبٍ أن لم يذهب هذا الشرف لغيره على مدار سنوات دراستي بالكلية، كأنما تفرَّد الدكتور عصام- أكرمه الله- بتغريده وحيدًا خارج السرب.



جلستُ مرةً مع بعض الزملاء ممن خاضوا غمار التدريس بمشاقه الجسام نتفكر، كيف أحرزت كل هذا الحب يا دكتور عصام؟ وأنّى لكَ بثقة الطلاب وبكل هذا التميز المذهل والتفوق المبهر يا أستاذنا العزيز؟ لم أكن أحتاج لجهدٍ فائقٍ لأستكشفَ الإجابة فلم تكن علاقةُ الدكتور عصام بالطلابِ علاقةَ مُدرِّسٍ بتلميذٍ خاويةً مجردةً من العلاقات الإنسانية كما هو العهد بالكثيرين من الأساتذة أصلح الله أحوالهم، بل كان- عجل الله بفك أسره- أبًّا روحيًّا لكافة طلاب القسم، كان طريق الطلاب لتحقيق أي من مطالبهم يمرُ عبرَ الكريم عصام حشيش- كان الله في عون أسرته- الذي لم يغلق بابه يومًا في وجه طالبِ عونٍ أو يتأخر عن إسداء النصيحة لمَن يحتاجها.



كان ديدنه وشعاره "خير الناس أنفعهم للناس"، لا أنسى جهده لضبط جداول الامتحانات لتُلائمَ أبناءه الطلاب وإعداد المدرجاتِ لتيسرَ لهم استيعابَ دروسهم، كان القائم بتنظيم (يوم القسم الرياضي) لكافة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لكسر جمود المواد العلمية، ولا أذكر أن فاته ولو مرة حضور (يوم القسم العلمي) الذي أشرف على تنظيمه يستمع فيه مع رئيس القسم لاحتياجات وشكاوى أبنائه الطلاب ويحرص حرصًا شديدًا على تذليل ما يعترض سبيلهم من صعاب.



أبعد هذا كله يُجازى بالاعتقال رغم مرضه واعتلال صحته؟ أوجه استفهامي لزملائه من الأساتذة ورؤساء الجامعات والوزراء، بل ومن ذات دفعته السيد رئيس الوزراء وهم أعلم الناس بأصالته، بأي جريرةٍ يُؤاخذ وبأي خطيئةٍ يُحاسب الدكتور عصام؟ هل رغبته في إصلاح وطنه الحبيب كبيرة من الكبائر؟ أم أن سعيه الدؤوب للمِّ شتات الأمة الجريحة هو خيانة عظمى للنظام العسكري؟ أم أنه انتقام من كريم خلقه ونبله حين هبَّ يدافع عن أبنائه من طلاب الكلية حين عدا عليهم منذ أعوام قليلة عادٍ من جبابرة أمن الدولة في حدودِ حرمهم الجامعي؟ أم أنَّ قولةَ حق قالها هنا أو سمعتها منه هناك أجازت أن يُردَّ له الصاعُ صاعين وإن كان قالها لإنصاف مظلومٍ أو نصرةً لصاحب حق آخر؟



كأني بك يا دكتور عصام في نصرتك للحق وأهله وبغضك للباطل وجحافله وجيوشه تشابه الرجل من آل فرعون يوم أن التقى القومُ على الفتكِ بموسى وتلمس كل طريقةٍ إلى رضا فرعون بالوشاية بموسى وذكره بكل سوء ومفسدة، فيقف فريدًا وحيدًا وسط الطغيان والفساد، ومن خلال الظلم والظلام، لا يبالي ولا ينافق؛ بل يقذف بالحق من أعماقه، يقذف بالحق على الباطل فيدمغه... ناصعًا كالنور قويًّا كجيوش يحركها الإيمان: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾.



أستاذي الفاضل د. عصام، جعل الله لك من كل ضيق فرجًا ومن كل هم مخرجًا ومن كل بلاء عافية، جعل الله صبرك وصبر أبنائك وأحفادك على ظلم الظالمين وطغيان الطغاة في موازين حسناتكم ورزقك سعادة الدارين وختم لك بالفردوس، تذكر كما عهدناك تذكرنا قول الحق تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾.



وإلى كل جبار وطاغوت وظالم مفترٍ، وإلى كل من عاون ظالمًا أو يسّر له طغيانه، وإلى كل ما ظنوا أنهم قد نالوا من دعوة الخالدين باعتقالٍ هنا أو تعذيبٍ هناك: أقول هداكم الله وأصلح حالكم وألهمكم رشدكم، ستمضي الدعوات في طريقها خالدة ماجدة عزيزة فإما أن تلحقوا بركب الجنان فتفوزوا برضا الله الذي ترك لكم باب التوبة دومًا مفتوحًا على مصراعيه، وإما أن تختاروا طريق الظُّلمة وأعوان الظَّلمة وهم أيضًا من الظَّلمة كما عرَّفهم الإمام أحمد بن حنبل فالله حينها حسيبكم ووكيلكم، إن شاء عذبكم وإن شاء عفا عنكم ولكم في قصص القرآن ونهايات الظالمين وصورة فرعون السجن الحربي حمزة البسيوني على الطريق الصحراوي، وقد مزقت جسده أسياخ الحديد عبرة بالغة، فهل تغني النذر؟؟



وأختم بكلمة لكل من ضاق صدره بتجدد سياط الجلاد وحلكة ظلمة الليل البهيم أو من استأخر نصر الله الذي كتب موعده في اللوح المحفوظ، فأذكر بكلمات للإمام الشهيد حسن البنا- وسع الله له في قبره مد بصره- في رسالة المؤتمر الخامس: "اسمعوها مني كلمة عالية داوية من فوق هذا المنبر في مؤتمركم هذا الجامع: إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده، أجل قد تكون طريقًا طويلة ولكن ليس هناك غيرها، إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات، ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: (إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة).

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
.
مهندس إتصالات ..الولايات المتحدة

Wednesday, April 4, 2007

السجان و المسجون




كلمات و إخراج :زينب الصولي

Sunday, March 18, 2007

قالوا عنه

عصام حشيش و البركة المنزوعة
http://essamhashish.blogspot.com/2007/06/blog-post_07.html

من قاعات المحاضرات إلى قاعات المحاكم العسكرية
http://essamhashish.blogspot.com/2007/04/blog-post_179.html

من تلميذ إلى أستاذه: كيف أحرزت كل هذا الحب يا د. عصام حشيش؟
http://essamhashish.blogspot.com/2007/04/blog-post_4684.html