المصرى اليوم (128 )
محامى خصوصى لكل مواطن
تابعت الأسبوع الماضى برنامج "على الهواء" (أوربت) حيث نصح دكتور فتحى سرور (رئيس مجلس الشعب) كل مواطن بضرورة استبقاء رقم "محاميه الخاص" معه في حال مداهمة الأمن لبيته (دون إذن قضائى طبعا). و قد أذهلنى من بين أشياء أخرى اعتقاد د. سرور أن من المسلم به أن كل مواطن مصرى له محاميه الخصوصى المتأهب لنجدة موكله في حال اقتحام بيته أو اعتقاله. لن أذكّر الدكتور سرور بسكان قلعة الكبش النائمين في العراء منذ أسابيع أو أسأله إن كان يتوقع أن من لا بيت له بإمكانه استئجار محامى خصوصى (أو عام) و لكنى سأسأله إن كان مواطنى الطبقة الوسطى يمتلكون تلك الرفاهية! و إن كانت العبرة بالتطبيق كما يؤكد لنا دوما فإليه أهدى رسالة دكتورة سميرة محمد أحمد، زوجة العالم المصرى المعتقل د. عصام حشيش.
"حينما أخذوا زوجي الدكتور عصام حشيش قال "أستودعكم الله" فقلنا له "نستودعك الله" أيضًا، وهكذا أصبحنا في كنف الله جميعًا ;أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ; (الزمر: من الآية 36.
كنتُ أردد هذه الآية للأولاد حينما توعدنا أحدهم بالرجوع مرةً أخرى بعد اقتياد زوجي معهم و إصرارهم على أخذ مفتاح الشقة و تهديد زوجي بأنه سوف يعود مرةً أخرى.
لكن لم يخطر ببالي أنه سوف يُنفذ هذا التهديد؛ كنتُ رغم ما حدث من اعتقالٍ ظالمٍ لزوجي وأمرٍ مجحفٍ بعدم التصرف في أموالنا التي ما جمعناها إلا من كدٍّ ومن تعب؛ فلم نتاجر في الفياجرا ولم نتاجر في المخدرات ولم نتاجر في أرواح البشر ولم نتاجر بصحةِ الناس؛ كنت رغم كل هذا أظن أنه ربما توجد خطوط حمراء لكرامة الإنسان؛ ولكني صدمتُ لما حدث معي يوم الإثنين 13/3/2007، الساعة التاسعة مساءً فقد كان يفوق كل ما حدث لنا من قبل من إرهاب.
حينما طرقوا عليَّ الباب وأنا بمفردي في الشقة زاعمين أني أُخبِّأ أحدًا عندي بالمنزل ذكرتُ لهم أني بمفردي في الشقة وليس معي أحدٌ من أولادي ولا أستطيع أن أفتح لهم الباب إلا في وجود أحد من أولادي؛ وطلبت منهم أن يمهلوني للاتصال بأحد أبنائي ليحضر ولكنهم رغم ذلك استمروا في الطرق على باب المنزل بعنفٍ شديدٍ وتهديدي بكسر باب الشقة؛ حتى حينما قلتُ لهم إني سوف أرسل للصحافة لترى ما تفعلونه بالنساء بعد أخذ أزواجهن قالوا: "أنتِ عارفة إن إحنا مش بيفرق معنا صحافة"؛ وحينما طلبتُ منهم إذن التفتيش قالوا "إحنا مش بتوع أذون، وأنتِ تعلمي هذا فدائمًا نأتي دون إذن".. بالطبع ودون خوفٍ من المساءلة من أحدٍ لأنَّ هذه أشياء ليست في قاموسهم.
كلما أتذكر محاصرتهم لي وأنا امرأةٌ مسنةٌ- أبلغ من العمر 55 عامًا- في بيتي و تهديدهم لي بكسر باب منزلي أشعر بأنني في ذلك اليوم لم أكن في بلدي التي أُحبها وما زلتُ أحبها وسوف أظل أحبها مهما فعلوا بنا، بل شعرتُ لحظتها أنني في العراق وأنَّ المحاصرين لي هم أمريكان يقتحمون بيتًا أعزلاً كما نرى في نشرات الأخبار أو حتى في فلسطين محاصرين بجنود الاحتلال.
إحساس فظيع أن تشعر بعدم الأمان في بلدك وفي بيتك، مرَّ بي سريعًا، ثم تلته رحمات الله وسكينته عليَّ وتذكرتُ كلمات زوجي "أستودعكم الله" فاستشعرت معية الله معي.
كنتُ أعلم معية الله علم اليقين فأصبحتُ أراها عين اليقين تبدَّل خوفي أمنًا واضطرابي ثباتًا وأحسستُ بالاطمئنان لحفظ الله لي، وبعد أن كنت أخشى من فتح الباب وبعد نصف ساعة من الترويع لي من الخارج وإصراري على عدم فتح باب المنزل إلا بوجود أبنائي وإظهار إذن التفتيش الذي لم يكن معهم ولم يظهروه لي اضطررتُ أخيرًا أن أفتح باب المنزل وحفظني الله".
و تنهى زوجة د. عصام حشيش رسالتها بتساؤلات عن حقوق المواطنة التى تغيرت من أجلها مواد الدستور و عن موقف المجلس القومى للمرأة من واقعة كهذه و عن من يسترد لها حقوقها المهدرة من أموالها التى لا يمكنها التصرف فيها و صحتها و صحة أولادها التى تأثرت بما يحدث.
لقد حدثت تلك الواقعة قبل إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة. و يبدو أن د. سرور كان يعنى ما قاله عن ضرورة الاحتفاظ بأرقام المحامين الخصوصيين. فلتنسوا أيها المواطنون مصاريف التعليم و الدواء و السكن و الطعام كى تدفعوا للمحاميين. و بالمرة انسوا تلك الكلمات البراقة التى يضحك بها المعارضون الجهلاء عليكم و المسماة "حرية" و "كرامة" و "مواطنة" و "انتماء". و أهلا بكم في زمن التعديلات.
د. سحر الموجى
محامى خصوصى لكل مواطن
تابعت الأسبوع الماضى برنامج "على الهواء" (أوربت) حيث نصح دكتور فتحى سرور (رئيس مجلس الشعب) كل مواطن بضرورة استبقاء رقم "محاميه الخاص" معه في حال مداهمة الأمن لبيته (دون إذن قضائى طبعا). و قد أذهلنى من بين أشياء أخرى اعتقاد د. سرور أن من المسلم به أن كل مواطن مصرى له محاميه الخصوصى المتأهب لنجدة موكله في حال اقتحام بيته أو اعتقاله. لن أذكّر الدكتور سرور بسكان قلعة الكبش النائمين في العراء منذ أسابيع أو أسأله إن كان يتوقع أن من لا بيت له بإمكانه استئجار محامى خصوصى (أو عام) و لكنى سأسأله إن كان مواطنى الطبقة الوسطى يمتلكون تلك الرفاهية! و إن كانت العبرة بالتطبيق كما يؤكد لنا دوما فإليه أهدى رسالة دكتورة سميرة محمد أحمد، زوجة العالم المصرى المعتقل د. عصام حشيش.
"حينما أخذوا زوجي الدكتور عصام حشيش قال "أستودعكم الله" فقلنا له "نستودعك الله" أيضًا، وهكذا أصبحنا في كنف الله جميعًا ;أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ; (الزمر: من الآية 36.
كنتُ أردد هذه الآية للأولاد حينما توعدنا أحدهم بالرجوع مرةً أخرى بعد اقتياد زوجي معهم و إصرارهم على أخذ مفتاح الشقة و تهديد زوجي بأنه سوف يعود مرةً أخرى.
لكن لم يخطر ببالي أنه سوف يُنفذ هذا التهديد؛ كنتُ رغم ما حدث من اعتقالٍ ظالمٍ لزوجي وأمرٍ مجحفٍ بعدم التصرف في أموالنا التي ما جمعناها إلا من كدٍّ ومن تعب؛ فلم نتاجر في الفياجرا ولم نتاجر في المخدرات ولم نتاجر في أرواح البشر ولم نتاجر بصحةِ الناس؛ كنت رغم كل هذا أظن أنه ربما توجد خطوط حمراء لكرامة الإنسان؛ ولكني صدمتُ لما حدث معي يوم الإثنين 13/3/2007، الساعة التاسعة مساءً فقد كان يفوق كل ما حدث لنا من قبل من إرهاب.
حينما طرقوا عليَّ الباب وأنا بمفردي في الشقة زاعمين أني أُخبِّأ أحدًا عندي بالمنزل ذكرتُ لهم أني بمفردي في الشقة وليس معي أحدٌ من أولادي ولا أستطيع أن أفتح لهم الباب إلا في وجود أحد من أولادي؛ وطلبت منهم أن يمهلوني للاتصال بأحد أبنائي ليحضر ولكنهم رغم ذلك استمروا في الطرق على باب المنزل بعنفٍ شديدٍ وتهديدي بكسر باب الشقة؛ حتى حينما قلتُ لهم إني سوف أرسل للصحافة لترى ما تفعلونه بالنساء بعد أخذ أزواجهن قالوا: "أنتِ عارفة إن إحنا مش بيفرق معنا صحافة"؛ وحينما طلبتُ منهم إذن التفتيش قالوا "إحنا مش بتوع أذون، وأنتِ تعلمي هذا فدائمًا نأتي دون إذن".. بالطبع ودون خوفٍ من المساءلة من أحدٍ لأنَّ هذه أشياء ليست في قاموسهم.
كلما أتذكر محاصرتهم لي وأنا امرأةٌ مسنةٌ- أبلغ من العمر 55 عامًا- في بيتي و تهديدهم لي بكسر باب منزلي أشعر بأنني في ذلك اليوم لم أكن في بلدي التي أُحبها وما زلتُ أحبها وسوف أظل أحبها مهما فعلوا بنا، بل شعرتُ لحظتها أنني في العراق وأنَّ المحاصرين لي هم أمريكان يقتحمون بيتًا أعزلاً كما نرى في نشرات الأخبار أو حتى في فلسطين محاصرين بجنود الاحتلال.
إحساس فظيع أن تشعر بعدم الأمان في بلدك وفي بيتك، مرَّ بي سريعًا، ثم تلته رحمات الله وسكينته عليَّ وتذكرتُ كلمات زوجي "أستودعكم الله" فاستشعرت معية الله معي.
كنتُ أعلم معية الله علم اليقين فأصبحتُ أراها عين اليقين تبدَّل خوفي أمنًا واضطرابي ثباتًا وأحسستُ بالاطمئنان لحفظ الله لي، وبعد أن كنت أخشى من فتح الباب وبعد نصف ساعة من الترويع لي من الخارج وإصراري على عدم فتح باب المنزل إلا بوجود أبنائي وإظهار إذن التفتيش الذي لم يكن معهم ولم يظهروه لي اضطررتُ أخيرًا أن أفتح باب المنزل وحفظني الله".
و تنهى زوجة د. عصام حشيش رسالتها بتساؤلات عن حقوق المواطنة التى تغيرت من أجلها مواد الدستور و عن موقف المجلس القومى للمرأة من واقعة كهذه و عن من يسترد لها حقوقها المهدرة من أموالها التى لا يمكنها التصرف فيها و صحتها و صحة أولادها التى تأثرت بما يحدث.
لقد حدثت تلك الواقعة قبل إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة. و يبدو أن د. سرور كان يعنى ما قاله عن ضرورة الاحتفاظ بأرقام المحامين الخصوصيين. فلتنسوا أيها المواطنون مصاريف التعليم و الدواء و السكن و الطعام كى تدفعوا للمحاميين. و بالمرة انسوا تلك الكلمات البراقة التى يضحك بها المعارضون الجهلاء عليكم و المسماة "حرية" و "كرامة" و "مواطنة" و "انتماء". و أهلا بكم في زمن التعديلات.
د. سحر الموجى
No comments:
Post a Comment